الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلِسُلَيۡمَٰنَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةٗ تَجۡرِي بِأَمۡرِهِۦٓ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَاۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيۡءٍ عَٰلِمِينَ} (81)

قوله تعالى : { ولسليمان الريح عاصفة }[ 80 ] إلى قوله : { وذكرى للعابدين }[ 83 ] .

أي : وسخرنا لسليمان الريح عاصفة . وعصوفها ، شدة هبوبها ، تجري بأمر سليمان إلى الأرض التي/ باركنا فيها ، يعني إلى أرض الشام . وكانت تجري به وبأصحابه إلى حيث شاء ، ثم تعود به إلى منزله بالشام{[46195]} .

وقال وهب بن منبه : كان سليمان إذا خرج من مجلسه عكف عليه الطير وقام له الإنس والجن ، حتى يجلس على سريره . وكان امرأ غزاء ، قلما يقعد عن الغزو ، ولا يسمع في ناحية من الأرض بملك إلا تاه حتى يذله ، وكان إذا أراد الغزو ، أمر بعسكره فضرب له بخشب ، ثم نصب له على الخشب ، ثم حمل عليه الناس والدواب وآلة الحرب كلها ، حتى إذا حمل معه{[46196]} ما يريد ، أمر العاصف من الريح فدخلت تحت ذلك الخشب فاحتملته{[46197]} ، حتى إذا استفلت ، أمر الرخاء ، فمرته شهرا في روحته وشهرا في غدوته إلى حيث أراد . وهو قوله تعالى ذكره : { فسخرنا له الريح تجري بأمره حيث أصاب } . وقوله : { ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر } .

ثم قال تعالى : { وكنا بكل شيء عالمين }[ 80 ] .

أي : بصلاح كل الخلق ، وبما أعطينا سليمان مما فيه صلاح له وللخلق ، عالمين بذلك ، لا يخفى علينا منه شيء .


[46195]:قوله: (وكانت تجري... بالشام) ساقط من ز.
[46196]:ز: جمع.
[46197]:ز: فاحتمله.