فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلِسُلَيۡمَٰنَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةٗ تَجۡرِي بِأَمۡرِهِۦٓ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَاۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيۡءٍ عَٰلِمِينَ} (81)

{ و } سخرنا { لسليمان الريح } عبر هنا باللام الدالة على التمليك ، وفي داوود ب { مع } وذلك أن الجبال والطير لما اشتركا معه في التسبيح ناسب فيه ذكر { مع } الدالة على الاصطحاب ، ولما كانت الريح مستخدمة لسليمان أتى بلام الملك لأنها في طاعته وتحت أمره ، والريح هو جسم متحرك لطيف ممتنع بلطفه من القبض عليه يظهر للحس بحركته ويخفى عن البصر بلطفه .

{ عاصفة } أي شديدة الهبوب وخفيفته ، يقال عصفت الريح أي اشتدت فهي ريح عاصف وعصوف { تجري بأمره } أي إن أراد أن تشتد اشتدت ، وإن أراد أن تلين لانت ، فهي جامعة للوصفين في وقت واحد ، وهذه آية أخرى غير التسخير .

{ إلى الأرض التي باركنا فيها أي تجري منتهية إليها في رواحه من سفره ، أي رجوعه منه وهي أرض الشام . عن ابن عباس قال : كان سليمان يوضع له ستمائة ألف كرسي ، ثم يجيء أشراف الإنس فيجلسون مما يليه ، ثم يجيء أشراف الجن فيجلسون مما يلي أشراف الإنس ، ثم يدعوا الطير فتظلهم ، ثم يدعوا الريح فتحملهم تسير مسيرة شهر في الغداة الواحدة .

{ وكنا بكل شيء } وتدبيره { عالمين