الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلِسُلَيۡمَٰنَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةٗ تَجۡرِي بِأَمۡرِهِۦٓ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَاۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيۡءٍ عَٰلِمِينَ} (81)

قوله : { وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ } : العامَّةُ على النصب أي : وسَخَّرْنا الريحَ لسليمانَ ، فهي منصوبةٌ بعاملٍ مقدرٍ . وقرأ ابنُ هرمزٍ ، وأبو بكر عن عاصم في روايةٍ ، بالرفع على الابتداءِ ، والخبرُ الجارُّ قبلَه . وقرأ الحسن وأبو رجاء بالجمعِ والنصبِ . وأبو حيوةَ بالجمعِ والرفعِ . وقد تقدَّم الكلامُ على الجمع والإِفرادِ في البقرة ، وبعضُ هؤلاء قرأ كذلك في سبأ . وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .

قوله : { عَاصِفَةً } حالٌ . والعاملُ فيها على قراءةِ مَنْ نصب : سَخَّرْنا المقدَّر ، وفي قراءةِ مَنْ رَفَع : الاستقرارُ الذي تعلَّقَ به الخبرُ . يُقال : عَصَفَتِ الريحُ تَعْصِفُ عَصْفاً وعُصُوفاً فيه عاصِفٌ وعاصفةٌ . وأسدٌ تقولُ : أَعْصَفَتْ بالألفِ تُعْصِفُ ، فهي مُعْصِفٌ ومُعْصِفَةٌ .

و " تَجْري " يجوزُ أَنْ تكونَ حالاً ثانيةً ، وأَنْ تكونَ حالاً من الضميرِ في " عاصفةً " فتكونُ حالَيْنِ متداخلين . وزعم بعضُهم أنَّ { الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } صفةٌ للريح ، وفي الآيةِ تقديمٌ وتأخيرٌ . والتقدير : الريحَ التي بارَكْنا فيها إلى الأرضِ ، وهو تَعَسُّفٌ .