ثم قال : { فنظر نظرة في النجوم } .
ذكر أن قوم إبراهيم صلى الله عليه وسلم {[57455]} كانوا أهل نجوم وكانوا يهربون من الطاعون ، فطمع أن يتركوا بيت آلهتهم ويخرجوا فيخالفهم إليها فيكسرها فرأى نجما قد طلع فعصب رأسه وقال إني مطعون {[57456]} {[57457]} .
قال ابن عباس : قالوا له وهو في بيت آلهتهم : اخرج معنا {[57458]} فقال : إني مطعون وتركوه {[57459]} مخافة الطاعون {[57460]} .
وقال الضحاك : تركوه لما قال إني مطعون مخافة أن يعديهم {[57461]} .
وقال ابن زيد : أرسل إليه ملكهم أن غدا عيدنا فاحضر معنا . قال : فنظر نظرة إلى النجوم {[57462]} ، فقال : إن ذلك النجم لم يطلع قط إلا طلع بسقم لي ، فقال : إني سقيم {[57463]} .
قال ابن عباس : " سقيم " مريض {[57464]} .
وقال الحسن : " فنظر نظرة في النجوم " أي : فكر فيما يعمل إذا كلفوه {[57465]} الخروج {[57466]} ، فالمعنى على هذا القول فنظر نظرة فيما نجح له من الرأي ، أي : فيما طلع {[57467]} له يقال : نجم القول والنبت إذا طلعا {[57468]} أي : فكر فعلم أنه لا بد لكل حي أن يسقم ، فقال : إني سقيم .
قال الخليل : يقال للرجل إذا فكر في الشيء كيف يدبره : نظر في النجوم {[57469]} .
وقيل : المعنى : فنظر فيما نجم من الأشياء ، أي : طلع منها ، فعلم أن لها خلقا ومدبرا ، وعلم {[57470]} أنها تتغير {[57471]} وعلم أن ذلك يلحقه فقال : إني سقيم {[57472]} .
فتكون النجوم في هذين القولين مصدرا و {[57473]} على القول الأول جمع نجم .
وقيل : إنهم كانوا يعرفون أن نجما إذا طلع يطلع بالطاعون ، فكان إذا طعن رجل منهم هربوا منه ، فطلع ذلك النجم ، فقال إبراهيم : إني سقيم أي : مطعون فهربوا منه ، وكان غلاما أمرد ، فهو {[57474]} معنى قوله : { فتولوا عنه مدبرين } .
وقيل : إنه كان يحم في ساعة قد اعتاده ذلك فنظر في الأوقات ، وقت {[57475]} الساعة {[57476]} التي تأتيه الحمى فيها ، فوجدها تلك الساعة التي دعي إلى الخروج معهم إلى جمعهم فقال : إني سقيم {[57477]} أي : إن هذه الساعة أسقم فيها بالحمى التي اعتادتني ، فجعل ذلك علة لتخلفه عنهم ، فيما قال صادقا ، لأن الحمى كانت تأتيه في ذلك الوقت ، فكان {[57478]} قد أضمر كسر أصنامهم إذا تخلف بعدهم وغابوا ففعل ذلك .
وقيل : معنى قوله : " إني سقيم " أي : سأسقم لأن من كان في عقبه الموت سقيم ، وإن لم يكن في وقته ذلك سقيما كما قال تعالى ذكره {[57479]} لنبيه {[57480]} : { إنك ميت وإنهم ميتون } {[57481]}
أي : ستموت ويموتون {[57482]} .
وقيل : إن ذلك من {[57483]} إبراهيم {[57484]} كان تحيلا عليهم في ذات الله {[57485]} .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لم يكذب إبراهيم عليه السلام غير ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله " {[57486]} قوله : " إني سقيم " وقوله : { بل فعله كبيرهم هذا " وقوله في سارة " هي أختي " {[57487]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.