قوله : ( اِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ ) الآية [ 142 ] .
معنى الآية أن المنافقين يخادعون الله بإحرازهم( {[13865]} ) لإيمانهم دماءهم وأموالهم( {[13866]} ) ، ( وَهُوَ خَادِعُهُمْ )( {[13867]} ) هو ما حكم( {[13868]} ) فيهم من منع( {[13869]} ) دمائهم وأموالهم بما ظهر من إيمانهم مع علمه بباطن اعتقادهم استدراجاً للانتقام( {[13870]} ) منهم في الآخرة( {[13871]} ) .
وقال السدي : ( وَهُوَ خَادِعُهُمْ ) يعطيهم الله يوم القيامة نوراً يمشون به مع المؤمنين كما كان معهم في الدنيا إيمان يمنع من دمائهم ثم يسلبهم ذلك النور فيطفئه ، فيقومون في ظلمتهم ويضرب بينهم بسور( {[13872]} ) .
وقال ابن جريج : إخداع الله لهم هو ما ذكر من قولهم ( انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ )( {[13873]} ) .
وقال الحسن : يلقى على كل مؤمن ومنافق نور يمشون به حتى إذا انتهوا إلى الصراط طفئ( {[13874]} ) نور( {[13875]} ) المنافقين ومضى المؤمنون بنورهم فينادونهم .
( انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ ) ألم نكن معكم في المسجد والحج والغزو ؟
( قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمُ أَنفُسَكُمْ ) باعتقادكم خلاف ما أظهرتم ( وَتَرَبَّصْتُمْ ) عن التوبة ( وَارْتَبْتُمْ ) أي : شككتم في رسول الله صلى الله عليه وسلم وثواب الله عز وجل وعقابه سبحانه .
قال الحسن : فتلك خديعة الله إياهم .
وقيل : المعنى : يُخادعون أولياء الله وهو أنهم يظهرون خلاف ما يبطنون( {[13876]} ) ( وَهُوَ خَادِعُهُمْ ) أي معاقبهم ، وسمي الثاني خداعاً لأنه مجازاة للأول( {[13877]} ) ، وقيل : لازدواج( {[13878]} ) الكلام( {[13879]} ) .
وقيل : معنى : ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ ) أي نبيه صلى الله عليه وسلم لأن من خادع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد خادع الله سبحانه كما قال ( إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ )( {[13880]} ) .
قوله : ( وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى ) الآية [ 141-142 ] .
هذا إعلام من الله تعالى أن المنافقين لا يعملون شيئاً من الفروض إلا رياء ، وإبقاء على [ أنفسهم ، فهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ، إذ ليست عندهم بفرض . إنما يقومون للناس ]( {[13881]} ) رياء إذ لا يرجون( {[13882]} ) ثواباً ، ولا يخافون عقاباً .
ثم يقال : ( وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ) أي إلا ذكراً قليلاً .
والمعنى : أنهم يذكرون الله رياء( {[13883]} ) لا ذكر مؤمن موقن بتوحيد الله عز وجل فلذلك سمي قليلاً ، إذ هو غير مقصود به الله سبحانه ، وما عنده تعالى ، فمن أجل هذا وصف بالقلة ، مع أنه ليس في ذكر الله عز وجل قليل ، إنما قل من أجل اعتقادهم لا من أجل قلة ذكرهم( {[13884]} ) .
قال الحسن : إنما قل لأنه كان لغير الله سبحانه( {[13885]} ) .
وقال علي رضي الله عنه : ما قل عمل مع تقوى ، وكيف يقل ما يتقبل ! يريد قوله ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ )( {[13886]} ) فمن تقبل شيء من عمله ، فهو من المتقين ، ومن كان من المتقين فهو من أهل الجنة ، يقول الله : ( اِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ )( {[13887]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.