الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَمۡ يَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۖ فَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ ءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَءَاتَيۡنَٰهُم مُّلۡكًا عَظِيمٗا} (54)

قوله : ( اَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ ) الآية [ 54 ] .

المعنى : أن اليهود حسدوا قريشاً إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم منهم ، فوبخهم الله عز وجل وقال : ( فَقَدَ_اتَيْنَا ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) فيجب أن يحسدوهم أيضاً ، ( وَءَاتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً ) وهو ما أعطى سليمان صلى الله عليه وسلم فكيف لم يحسدوا هؤلاء .

وقال ابن عباس : عنى بالناس : محمد( {[12670]} ) صلى الله عليه وسلم ومن آمن به( {[12671]} ) . وعنه أنه قال : نحن الناس : يعني قريشاً ، وهو قول عكرمة والسدي ومجاهد والضحاك . . . حسدوه( {[12672]} ) في أمر النساء ، وقالوا : قد أحل الله له من النساء ما شاء ، فأنزل الله عز وجل : ( يَحْسُدُونَ النَّاسَ ) أي : محمداً صلى الله عليه وسلم على ما أحل الله له من النساء( {[12673]} ) ، وهو الفضل فوق أربع ، فأم بمعنى بل هنا ، وَءَاتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً ) قال السدي : كانت لداود مائة امرأة ولسليمان أكثر من ذلك( {[12674]} ) . وقال القتبي : كانت لسليمان سبعمائة امرأة وثلاثمائة سرية( {[12675]} ) .

قال همام( {[12676]} ) : ( مُّلْكاً عَظِيماً ) أيدوا بالملائكة والجنود( {[12677]} ) .

قال أبو عبيدة : معنى ( اَمْ يَحْسُدُونَ ) : ( أيحسدون )( {[12678]} ) .

وقيل( {[12679]} ) الناس هنا : العرب ، حسدهم اليهود إذ كان محمد صلى الله عليه وسلم منهم فهو الفضل . وقيل( {[12680]} ) : الملك العظيم النبوة . وقيل( {[12681]} ) : هو تحليل النساء لهم . وقيل( {[12682]} ) : هو ما أعطي سليمان . وقيل : " الملك العظيم " : هو تأييدهم بالملائكة .

واختار الطبري أن يكون ( مُلْكاً عَظِيماً ) هو ما أوتي سليمان صلى الله عليه وسلم من الملك وتحليل النساء( {[12683]} ) .


[12670]:- (ج): محمد (د): هنا محمد.
[12671]:- انظر: جامع البيان 5/138.
[12672]:- بياض في كل النسخ. وعند الطبري: وقال آخرون... [المدقق].
[12673]:- انظر: المصدر السابق.
[12674]:- انظر: تفسير الغريب 129، وجامع البيان 5/140.
[12675]:- انظر: تفسير الغريب 129.
[12676]:- هو همام بن الحارث النخعي تابعي ثقة لزم ابن مسعود وروى عنه، انظر: تاريخ الثقات 461، وصفة الصفوة 3/35.
[12677]:- انظر: جامع البيان 5/141.
[12678]:- انظر: مجاز القرآن 1/130. وهو ساقط من (ج).
[12679]:- عزاه الطبري لقتادة 5/138.
[12680]:- عزاه الطبري لابن جريج 5/139.
[12681]:- هذا القول تكرار لما تقدم.
[12682]:- عزاه الطبري لابن عباس وعكرمة، انظر: جامع البيان 5/138.
[12683]:- اختار الطبري قول ابن عباس "ملك سليمان"، وأما تحليل النساء فهو قول رده الطبري ولم يقل به، فكيف جاز لمكي أن ينسب للطبري ما لم يختره ولم يقل به؟ انظر: جامع البيان 5/141.