الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا} (97)

قوله : ( اِنَّ الذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ) الآية [ 97-99 ] .

المعنى : ( {[13368]} ) إن الذين تقبض الملائكة أرواحهم ظالمين أنفسهم أي مكتسبين غضب الله عز وجل وسخطه ( قَالُوا ) : أي لهم الملائكة ( فِيمَ كُنْتُمْ ) أي : أي شيء كنتم من دينكم ؟

وقيل المعنى : قالت لهم الملائكة : أكنتم في المشركين ، أم في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فأجابوا( {[13369]} ) الملائكة بأن قالوا : ( كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ ) في أرضنا بكثرة العدو ، وقوته قالت لهم الملائكة ، ( أَلَمْ تَكُنَ اَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ) أي : تخرجوا من بين أظهر المشركين إلى أرض الإيمان .

( فَأُلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ) أي : هؤلاء الذين هذه صفتهم مصيرهم إلى( {[13370]} ) جهنم وهي سكناهم ( وَسَاءَتْ مَصِيراً )( {[13371]} ) أي : ساءت جهنم مصيراً لأهلها .

وروي أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا أسلموا والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فلما هاجر النبي عليه السلام أقاموا بمكة ، فمنهم من ارتد إلى الشرك فتنه( {[13372]} ) أبوه وعشيرته حتى ارتد ، ومنهم من بقي على حاله .

فلما خرج المشركون لنصرة( {[13373]} ) غيرهم إلى بدر خرجوا مع المشركين ، وقالوا إن كان محمد في كثرة ذهبنا( {[13374]} ) إليه ، وإن كان في قلة بقينا في قومنا( {[13375]} ) .

فلما التقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، في بدر نظروه في قلة فبقوا في قومهم فقتلوا ، فتوفتهم الملائكة ظالمي أنفسهم ، فاعتذروا بأنهم استضعفوا بمكة ،

/خ99


[13368]:- انظر: هذا التوجيه في جامع البيان 5/233.
[13369]:- (أ): فأجابوه.
[13370]:- (أ): على.
[13371]:- (أ): مصير.
[13372]:- (أ): فتنتم.
[13373]:- (أ) (د): لنصر.
[13374]:- (أ): هنا.
[13375]:- (ج): ذهبنا إلى قومنا وبقينا فيهم.