وقوله تعالى : { إن الذين توفتهم الملائكة ظالمي أنفسهم } عن ابن عباس رضي الله عنها ( أنه ){[6381]} قال : ( نزلت الآية في قوم من المنافقين ، خرجوا مع المشركين إلى بدر ، فلما التقى {[6382]} المسلمون والمشركون أبصروا قلة المسلمين ، وهم مع المشركين على المؤمنين قالوا{[6383]} : { غر هؤلاء دينهم } ( الأنفال : 49 ) وأظهروا النفاق ، فقتلوا ) وعامتهم ضربت الملائكة ، ( قائلة لهم ){[6384]} : { فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض } ) .
وقيل : إنها نزلت في نفر أسلموا بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أقاموا عن الهجرة ، وخرجوا مع المشركين إلى القتال ، فلما رأوا قلة المؤمنين شكوا في النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : { غر هؤلاء دينهم } فقتلوا ، فقالت الملائكة : { فيم كنتم قالوا }كذا .
وقيل : نزلت في قوم أسلموا بمكة ، ولم يهاجروا ، وكانت الهجرة يومئذ مفترضة ، فكفروا بترك الهجرة يومئذ كقوله تعالى : { والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا } ( الأنفال : 72 ) فلا ندري كيف كانت القصة ؟ وليس لنا إلى معرفة القصة حاجة بعد أن نعرف{[6385]} ما أصابهم مماذا أصابهم ؟
وقوله تعالى : { قالوا فيم كنتم كنا مستضعفين } هذا يتوجه وجوها :
أحدها : مع من كنتم ؟ مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه أو أعدائهم ؟
والثاني : { فيم كنتم } أي في دين من كنتم ؟ في دين محمد صلى الله عليه وسلم أو في دين أعدائه .
والثالث : { قالوا } بمعنى يقولون ، أي يقول لهم( الملائكة ){[6386]} في الآخرة : { فيم كنتم قالوا } كنا كذا . وبقولهم{[6387]}{ كنا مستضعفين في الأرض }اعتذروا أن كانوا مستضعفين في الأرض . وظاهر هذا أن منعنا من الخروج إلى الهجرة ، وحال المشركون بيننا وبين إظهار الإسلام فقالوا( لهم ){[6388]} : { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها } يعني : المدينة واسعة آمنة لكم من العدو ، فتخرجوا إليها ، فتتقلبوا بين أظهرهم ، والله أعلم . كأنهم اعتذروا في التخلف عن ذلك لما كانوا يتقلبون بين أظهر الكفرة ، ويتعيشون فيهم ، فقالوا( لهم ){[6389]} : { ألم تكن أرض الله واسعة } ( فقطعوا عليهم الاعتذار ){[6390]} .
ويحتمل وجها آخر ؛ وهو أنهم إن منعوكم عن الإسلام ظاهرا ، وحالوا بينكم وبين إظهاره ، ألستم تقدرون على دين{[6391]} الإسلام سرا( فلا يعلموا ){[6392]} هم بذبك{ فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا }أخبر أن لا عذر لهم في ذلك .
وفي قوله تعالى : { فيم كنتم } دلالة إخبار الموتى في القبر والسؤال فيه عما عملوا في الدنيا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.