الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَقَدۡ جِئۡتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَتَرَكۡتُم مَّا خَوَّلۡنَٰكُمۡ وَرَآءَ ظُهُورِكُمۡۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمۡ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ أَنَّهُمۡ فِيكُمۡ شُرَكَـٰٓؤُاْۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيۡنَكُمۡ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ} (94)

قوله : { ولقد جئتمونا فرادى } الآية [ 95 ] .

قرأ أبو حيوة{[20896]} { فرادى } بالتنوين{[20897]} ، وهي لغة تميم ، ويقولون{[20898]} في الرفع ( فراد ){[20899]} وحكى أحمد{[20900]} بن يحيى{[20901]} ( فراد ){[20902]} بغير تنوين مثل ( رُباع ){[20903]} .

قال القتبي : { فرادى }{[20904]} جمع فرد{[20905]} ، كأنه جمع على ( فردان ){[20906]} ، ثم جمع على ( فرادى ) ، ككسلان وكسالى{[20907]} .

وقال الطبري : واحد { فرادى } : ( فرد ) ، بالفتح{[20908]} .

ومن قرأ ( بينكم ) بالنصب{[20909]} ، فمعناه : لقد تقطع ( الأمر بينكم ){[20910]} والسبب بينكم{[20911]} ، ونصبه على الظرف{[20912]} .

ومن رفع{[20913]} ، جعله غير ظرف{[20914]} ، بمعنى الوصل ، تقديره : لقد تقطع وصلكم{[20915]} .

ومعنى الآية : أنها خبر من الله عما هو قائل يوم القيامة لهؤلاء المشركين ، يقول لهم : { ولقد جئتمونا فرادى } أي : وُحدانا لا مال معكم ، ولا أثاث ، ولا شيء مما كان الله خَوَّلكم في الدنيا{[20916]} . ومعنى { كما خلقناكم أول مرة } قيل : منفردين لا شيء لكم ، وقيل : عراة{[20917]} .

وروي أن عائشة رضي الله عنها قرأت هذه الآية فقالت : يا رسول الله ، واسوأتاه{[20918]} إن الرجال ( والنساء يحشرون جميعا ينظر{[20919]} بعضهم إلى سوأة بعض ؟ ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه }{[20920]} ، لا ينظر الرجال ){[20921]} إلى النساء ، ولا النساء إلى الرجال : شُغِل{[20922]} بعض{[20923]} عن بعض " {[20924]} .

ومعنى { وراء ظهوركم } أي : في الدنيا ، { وما نرى معكم شفعاءكم{[20925]} } أي : ليس نرى معكم من كنتم تزعمون أنهم ( لكم شفعاء ){[20926]} عند ربكم يوم القيامة{[20927]} .

وكان المشركون يزعمون أنهم يعبدون الآلهة ، لأنها تشفع لهم عند الله ، و[ أنها ]{[20928]} شركاء له{[20929]} .

قال عكرمة : قال النضر{[20930]} بن{[20931]} [ الحارث ]{[20932]} : ( سوف تشفع لي اللات والعزى ) ، فنزلت هذه الآية{[20933]} .


[20896]:د: حيات. وهو أبو حيوة شريح بن يزيد الحضرمي الحمصي، مقرئ الشام، روى عن الكسائي. توفي سنة 203 هـ. انظر: الغاية 1/325، وطبقات ابن خياط 317.
[20897]:وهو عيسى بن عمر في مختصر ابن خالويه 38.
[20898]:د: تقولون. أي: أهل تميم.
[20899]:ب: فردى.
[20900]:ب: أحماد. : حماد.
[20901]:سبق التعريف به في تفسير الآية 91 من الأنعام.
[20902]:ب: فرادى.
[20903]:انظر: إعراب النحاس 1/565، 566، وقراءة أبي حيوة في إعراب مكي 261 الذي قال وهي لغة لبعض تميم).
[20904]:د: فردى.
[20905]:ب: فرادى.
[20906]:د: فرادان.
[20907]:انظر: غريبه 157.
[20908]:انظر: تفسيره 11/543، 544.
[20909]:نافع والكسائي وعاصم في رواية حفص عنه. انظر: السبعة 263.
[20910]:د: بينكم الأمر.
[20911]:انظر: تفسير الطبري 11/549، وهو تقدير أهل البصرة في حجة ابن زنجلة 262.
[20912]:ب: الطرف. وانظر: إعراب النحاس 1/566، وحجة ابن خالويه 145، والنصب على الظرف: قول أهل البصرة والكوفة في حجة ابن زنجلة 262.
[20913]:(ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر وحمزة): السبعة 263، ومجاهد أيضا في معاني الفراء 1/345.
[20914]:ب د: طرف.
[20915]:انظر: معاني الفراء 1/345، ومجاز أبي عبيدة 1/200، وتفسير الطبري 11/549، وهو الأجود في معاني الزجاج 2/273، وذكره النحاس في إعرابه 1/566، وابن خالويه في حجته 145، ومكي في إعرابه 262 وكشفه 1/440، 441.
[20916]:انظر: تفسير الطبري 11/543، 545 – وفيه: (ولا إناث) بدل ولا أثاث) - ، والقطع 314.
[20917]:انظر: تفسير الطبري 11/543، ومعاني الزجاج 2/273، وإعراب النحاس 1/566، والقطع 314.
[20918]:د: واسوتاه.
[20919]:ب د: فينظر.
[20920]:عبس آية 37. وانظر: القطع 314.
[20921]:ساقطة من ب.
[20922]:ب: شغص.
[20923]:د: بعضهم.
[20924]:انظر: تفسير الطبري 11/544.
[20925]:د: شفعاء.
[20926]:ب د: شفعاء لكم.
[20927]:انظر: تفسير الطبري 11/545، 547.
[20928]:أ: لانها.
[20929]:ب: لهم. وهو قول السدي في تفسير الطبري 11/
[20930]:ب د: النظر.
[20931]:ب: بين.
[20932]:أ ب: الحرث. وهو النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف، ابن خالة رسول الله. صاحب لواء المشركين ببدر، حيث أسره المسلمون وقتلوه بالأثيل – قرب المدينة – بعد انصرافهم من الوقعة الكبرى، وذلك سنة 2 هـ. انظر: الكامل 2/130، والإصابة 3/555، وعيون الأثر 1/342، وجمهرة الأنساب 116، ومعجم البلدان 1/112، والأعلام 8/33.
[20933]:انظر: تفسير الطبري 11/547، ولباب النقول 103.