الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ مُّصَدِّقُ ٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَاۚ وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ يُؤۡمِنُونَ بِهِۦۖ وَهُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ يُحَافِظُونَ} (92)

قوله{[20825]} : { وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه } الآية [ 93 .

المعنى : وهذا القرآن – يا محمد – كتاب ، - ومعنى الكتاب هنا - : مكتوب{[20826]} – أنزلناه إليك مباركا ، { مصدق الذي بين يديه } أي : يصدق ما قبله من كتب{[20827]} الله التي أنزلها على أنبيائه ، { ولتنذر أم القرى } أي : لتنذر عذاب الله وبأسه أم القرى .

وأم القرى : مكة ، ( ومن حولها ) : شرقا وغربا{[20828]} .

وسميت : { أم القرى } ، لأن الأرض دُحيت منها{[20829]} ، أي : بُسطت{[20830]} . وقيل : سميت بذلك ، لأن فيها أول بيت وضع للناس{[20831]} . وقيل : سميت بذلك لأنها نُقصد من كل قرية{[20832]} .

ومن قرأ ( ولينذر ){[20833]} رده على ( الكتاب ) ، ومن قرأ بالتاء{[20834]} فعلى المخاطبة للنبي{[20835]} عليه السلام{[20836]} .

وقوله : { والذين يومنون بالآخرة } أي : يصدقون بالبعث{[20837]} ، { يومنون به } أي : بهذا الكتاب{[20838]} . والهاء في ( به ) للقرآن ، وقيل : لمحمد{[20839]} .

وقيل : إنه لما نزل { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } إلى آخر القصة{[20840]} ، عجب ابن أبي سرح{[20841]} من خلق الإنسان وانتقاله من حال إلى حال ، فقال : { فتبارك الله أحسن الخالقين }{[20842]} ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " أكتبها ، فكذلك نُزِّلَت عليّ " {[20843]} .

قوله : { وهم على صلاتهم يحافظون } أي : على الصلوات التي افترضها الله{[20844]} .


[20825]:د: وقوله.
[20826]:ب د: المكتوب.
[20827]:ب: كتاب.
[20828]:انظر: تفسير الطبري 11/530، 531، وتفسير أم القرى بمكة: قول الفراء في معانيه 1/344، وابن فتيبة في غريبه 156، والزجاج في معانيه 2/271.
[20829]:هو قول قتادة في تفسير الطبري 11/521.
[20830]:انظر: اللسان: دحا.
[20831]:هو قول السدي في تفسير الطبري 11/531.
[20832]:(لأنها كانت أعظم القرى شأنا): معاني الزجاج 2/271، وانظر: اللسان: قرا.
[20833]:(عاصم وحده في رواية أبو بكر): السبعة 263.
[20834]:(الباقون... وحفص عن عاصم): السبعة 263.
[20835]:د: لنبي.
[20836]:انظر: حجة ابن خالويه 145، وحجة ابن زنجلة 261، والكشف 1/440.
[20837]:ب: بالبغث.
[20838]:انظر: تفسير الطبري 11/532.
[20839]:الهاء لمحمد وللتنزيل: في معاني الفراء 1/334.
[20840]:المؤمنون الآيات 12، 13، 14.
[20841]:هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري، فاتح إفريقية، من أبطال الصحابة، مات وهو قائم يصلي سنة 37 هـ. انظر: الكامل 3/114، والنجوم الزاهرة 1/7 – 94، والأعلام 4/88، 89.
[20842]:المؤمنون آية 14 وفيها (فتبارك...).
[20843]:(فشك وارْتَدَّ): معاني الفراء 1/344، وانظر: كذلك أسباب النزول 148 وفيه أنه (قول ابن عباس في رواية الكلبي).
[20844]:انظر: تفسير الطبري 11/532.