الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَوۡ كَانَ عَرَضٗا قَرِيبٗا وَسَفَرٗا قَاصِدٗا لَّٱتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنۢ بَعُدَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلشُّقَّةُۚ وَسَيَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ يُهۡلِكُونَ أَنفُسَهُمۡ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (42)

ثم قال تعالى : { لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لتبعوك }[ 42 ] .

وذلك أن جماعة استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ خرج إلى تبوك في التخلف/والمُقام ، فأذن لهم{[28829]} ، فقال الله عز وجل : { لو كان عرضا{[28830]} قريبا } ، أي : غنيمة حاضرة{[28831]} ، { وسفرا } : قريبا{[28832]} ، { لأتبعوك } ، ولم يتخلفوا عنك .

{ ولكن بعدت عليهم الشقة }[ 42 ] .

[ و{ الشقة } : الغاية التي يقصد إليها }{[28833]} .

قال أبو عبيدة{[28834]} : { الشقة } : المشقة{[28835]} ] .

فالمعنى : ولكن استنهضتهم إلى مكان بعيد{[28836]} ، فشق ذلك عليهم ، فسألوك في التخلف .

وقوله : { وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم }[ 42 ] .

أي : سيحلف هؤلاء لكم بالله ، إنهم لو قدروا لخرجوا معك ، وذلك منهم كذب{[28837]} .

{ يهلكون أنفسهم }[ 42 ] .

أي : يوجبون لها بالتخلف والكذب ، الهلاك والغضب في الآخرة{[28838]} .

{ والله يعلم إنهم لكاذبون }[ 42 ] .

في اعتذارهم .


[28829]:انظر: جامع البيان 14/271.
[28830]:والعرض: كل ما عرض لك من منافع الدنيا، معاني القرآن وإعرابه للزجاج 2/449. قال القرطبي في التفسير 8/98: "وحذف اسم كان لدلالة الكلام عليه...، وهذا موجود في كلام العرب يذكرون الجملة يأتون بالإضمار عائدا على بعضها" انظر بقية كلامه فهو مفيد.
[28831]:جامع البيان 14/271.
[28832]:في جامع البيان 14/271: "وموضعا قريبا سهلا".
[28833]:معاني القرآن وإعرابه للزجاج 2/450.
[28834]:انظر: مجاز القرآن 1/260، 261، وزد عليه تفسير القرطبي 8/98.
[28835]:زيادة من "ر".
[28836]:قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه 1/450: "وكان هذا حين دعوا إلى غزوة تبوك، فثقل عليهم الخروج إلى نواحي الشام".
[28837]:انظر: تفصيل ذلك في جامع البيان 14/271.
[28838]:انظر: جامع البيان 14/271، 272.