تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلِلَّهِۤ يَسۡجُدُۤ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا وَظِلَٰلُهُم بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ۩} (15)

وقوله تعالى : ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وكرها ) يحتمل قوله : ( يسجد ) على حقيقة السجود ، يسجد له المؤمن والكافر جميعا . أما المؤمن فإنه يسجد له بالاختيار والطوع . ويحتمل ما ذكر من السجود وجوها :

أحدهما : حقيقة السجود ، فإن كان هذا فهو في الممتحنين خاصة .

والثاني : سجود الخلقة ، فإن كان على هذا فهو في جميع الخلائق ؛ جعل الله في خلقه كل شيء دلالة وحدانيته وآية ألوهيته وربوبيته .

والثالث : سجود الأحوال ؛ فهو في المؤمن والكافر جميعا . أما المؤمن فهو يسجد له في كل حال . وأما الكافر فإنه يسجد له ، ويخضع في حال الشدة والضيق ، ولا يسجد له في حال السعة والرخاء .

ويشبه أن يكون [ في ][ ساقطة من الأصل وم ] الكافر ، يكون سجوده لله اختيارا وطوعا حين[ في الأصل وم : حيث ] قالوا : ( ما نعبدهم إلا ليقربونا من الله زلفى )[ الزمر : 3 ] وقالوا[ في الأصل وم : وقوله ] ( هؤلاء شفعاؤنا عند الله )[ يونس : 18 ] إنهم ، وإن عبدوا الأصنام يرون السجود والعبادة لله . لكنه لم يقبل ذلك منهم لإشراكهم غيره في ذلك .

وقوله تعالى : ( وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ) أي تسجد ظلاله بالغدو والآصال ؛ ينتقل ضل كل أحد بانتقال نفسه ؛ ينتقل حيث تنتقل نفسه ، فذكر الغدو والآصال لأنه[ أدرج قبلها في الأصل وم : أي ] بالغدو والعشي يظهر الظل .

ويحتمل السجود أنه ( يسجد ) أي يخضع ( مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً ) فإن كان على الخضوع فهو في الخلائق كلهم : في البشر وغير البشر ، وذي الروح وغير ذي الروح ( وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ) أي ظلالهم تخضع له بالغدو والآصال .

ويحتمل أن يكون المراد من السجود سجود[ في الأصل وم : و ] الخلقة ، فتسجد له خلقة كل أحد . فإن قيل : ما معنى الغدو والآصال ؟ قيل : يحتمل أبدا دائما ليس على [ مراد وقت ][ في الأصل وم : مراد وقت ] ، ولكن على الأوقات كلها .