وقوله تعالى : ( الله الذي رفع السماوات ) قوله : ( رفع ) أي أنشأها مرفوعة ، لا أنها كانت موضوعة ، فرفعها ، عمد على ما أخبر ، ولكن اللطف والأعجوبة في ما يمسكها بعمد لا ترى كاللطف والأعجوبة في ما يمسكها بغير عمد ، لأن في الشاهد لم يعرف ، ولا قدر على رفع سقف ، فيه سعة وبعد بغير عمد ، لا ترى ، لكن ما يرفع ، إنما يرفع بعمد ترى . فاللطف في هذا كاللطف في الآخر .
وفيه دلالة قدرته على البعث لأنه ذكر هذا ، ثم قال : ( لعلكم بلقاء ربكم توقنون ) [ إن ][ ساقطة من الأصل وم ] من قدر على رفع السماء مع سعتها وبعدها بلا عمد لقادر على إعادة الخلق وبعثهم وإحيائهم بعد الموت . بل رفع السماء مع سعتها وبعدها بلا عمد أكبر من إعادة الشيء بعد فنائه ، إذ في الشاهد من قد يقدر على إعادة أشياء بعد فنائها ، ولا يقدر على رفع سقف ذي سعة وبعد بغير عمد . من ذا الوجه يمكن[ في الأصل وم : أمكن ] أن يحتج ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) لما لم يفهم من قوله : ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) [ وقوله : ( يدبر الأمر ) ][ في الأصل وم : مدبر ] المكان ، وإن كان في الشاهد يفهم عنه المكان إذا أضيف إلى المخلوق لم يجز أن يفهم [ منه استواء الخلق ][ في الأصل وم : من استوائه الخلق ] .
وبعد فإن في الشاهد إذا قيل : فلان استولى أمر بلدة كذا ، فاستوى أمره ، لم يفهم منه نفاذ الأمر والسلطان والمشيئة . فعلى ذلك لم يجز أن يفهم من الله إذا أضيف إليه [ الاستواء ][ ساقطة من الأصل وم ] المكان .
وأصله ما ذكرنا في ما تقدم أنه أخبر أنه ( ليس كمثله شيء )[ الشورى : 11 ] فهو في كل شيء وكل وجه لا يشبه الخلق ، إذ الخلق في الشاهد ، ليس يشبه بعضه بعضا من جميع الجهات ، إنما يشبه بعضهم بعضا بجهة ثم صاروا جميعا أشكالا وأشباها بتلك الجهة التي [ وقع بها التشابه ][ في الأصل وم : وقعت بينهم التشابه ] فأذن الله سبحانه وتعالى لما أخبر أنه ( ليس كمثله شيء )[ الشورى : 11 ] دل أنه إنما نفى عنه الجهات التي يقع بها التشابه والمثل ، فهو يخالف الخلق من جميع الوجوه . وهذه مسألة مذكورة في ما تقدم .
[ ثم ][ ساقطة من الأصل وم ] اختلف في العرش ، قال بعضهم : العرش ، هو الممتحنون من الخلق[ ساقطة من الأصل وم ] بهم استوى تدبير إنشاء غيرهم من العالم لأنهم هم المقصودون في إنشاء ذلك كله .
وقال بعضهم : العرش البعث ، به استوى ، وتم ، إنشاء الخلائق ما لولا البعث يكون إنشاؤهم عبثا باطلا كقوله : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون )[ المؤمنون : 115 ] جعل عدم الرجوع إليه وإنشاءه الخلق عبثا .
وقال بعضهم : العرش ، هو الملك ؛ وبه تم ما ذكر وقيل : هو سرير الملك .
وقوله تعالى : ( يدبر الأمر ) على ما في العقل أنه عن تدبير مدبر خرج ، وعن علم وحكمة وضع ليس على الجزاف بلا تدبير ولا علم .
وقوله تعالى : ( يُفَصِّلُ الآيَاتِ ) يحتمل : يبين الحجج والبراهين ، ويحتمل ( يُفَصِّلُ الآيَاتِ ) أي آيات القرآن أنزلها بالتفاريق لا مجموعة ( لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ) هو ما ذكرنا أن ما ذكر من الآيات والتدبير ورفع السماء بلا عمد دلالة البعث والإحياء بعد الموت .
وقوله تعالى : ( بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ ) هو ما ذكرنا في قوله : ( إليه مرجعكم جميعا )[ يونس : 4 ] [ وقوله : ( وإليه المصير )[ المائدة : 18و . . ] وقوله : ( يوم هم بارزون )[ غافر : 16 ] ][ في الأصل وم : ومصيرهم وبروزهم ] وأمثاله ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.