الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَنَادَىٰهَا مِن تَحۡتِهَآ أَلَّا تَحۡزَنِي قَدۡ جَعَلَ رَبُّكِ تَحۡتَكِ سَرِيّٗا} (24)

قوله تعالى ذكره : { فناداها من تحتها ألا تحزني }[ 23 ] إلى قوله : { فلن أكلم اليوم إنسيا }[ 25 ] .

من قرأ{[44106]} ( من تَحْتَهَا ) بالفتح ( أراد فناداها عيسى ) . كذلك تأوله أبي بن كعب والبراء بن عازب{[44107]} والنخعي{[44108]} ، وبذلك قرؤوا . ومن قرأ بكسر{[44109]} الميم والتاء ، أراد فناداها جبريل . كذلك قال ابن عباس والضحاك{[44110]} .

وقال مجاهد : هو عيسى عليه السلام{[44111]} .

قال الضحاك : كان جبريل صلى الله عليه وسلم أسفل منها ، فناداها من ذلك الموضع ( ألا تحزني ) .

وقال أبو عبيد{[44112]} : من كسر الميم والتاء ، يجوز في قراءته أن يكون لجبريل ولعيسى عليهما السلام . ومن فتحهما ، هو لعيسى خاصة ، والاختيار عند أهل النظر في الكسر أن يكون لعيسى مثل الفتح ، أي : فناداها عيسى من تحتها{[44113]} .

وقرئ بذلك{[44114]} لتقدم ذكر عيسى ولم يتقدم ذكر جبريل إلا فيما بعد ، عند قوله : { فأرسلنا إليها روحنا } فالحمل على الأقرب أولى من الأبعد .

قال ابن زيد : قال لها عيسى : لا تحزني{[44115]} ، قالت{[44116]} : وكيف لا أحزن وأنت معي لا ذات زوج ، فأقول من زوج ، ولا مملوكة فأقول من سيدي ، أي شيء عذري عند الناس ؟ يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا . قال لها عيسى : أنا أكفيك الكلام{[44117]} .

قال البراء{[44118]} : ( السري ) الجدول ، وهو النهر الصغير . وبذا{[44119]} قال ابن عباس وغيره ، وهو بالنبطية{[44120]} .

وقال مجاهد : ( السري ) النهر بالسريانية{[44121]} .

وقال قتادة : السري : عيسى نفسه . وكذا{[44122]} قال ابن زيد{[44123]} . أي : شخصا سريا .

وقال الحسن{[44124]} : كان والله سريا من الرجال ، يعني عيسى . فقيل له{[44125]} : يا أبا سعيد ، إنما هو الجدول النهر . فقال : يرحمك{[44126]} الله ، إنما تلتمس{[44127]} مجالستكم لهذا{[44128]} .


[44106]:قال مكي في الكشف 2/86: (قرأه نافع وحفص وحمزة والكسائي بكسر الميم والتاء. وقرأ الباقون بفتح الميم والتاء الثانية). وقال الفراء في معاني القرآن 2/165 (هو الملك في الوجهين جميعا).
[44107]:هو البراء بن عازب بن الحارث بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة، مات زمن مصعب ابن الزبير. له ترجمة في الاستيعاب 1/155 والإصابة 1/146.
[44108]:هو إبراهيم بن يزيد بن الأسود يكنى أبا عمران (ت 96 هـ) له ترجمة في طبقات ابن خياط 157 وتذكرة الحفاظ 1/73 واللباب 3/304 وتهذيب التهذيب 1/177.
[44109]:ز: ومن كسر الميم والتاء.
[44110]:انظر: جامع البيان 16/67 وتفسير القرطبي 11/93 والدر المنثور 4/268.
[44111]:انظر: جامع البيان 16/68 وتفسير ابن كثير 3/117.
[44112]:ز: أبو عبيدة.
[44113]:وهو اختيار الطبري في جامع البيان 16/68 وابن كثير 3/117.
[44114]:ز: في ذلك.
[44115]:ز: لا تحزن (تحريف).
[44116]:ز: قالت له.
[44117]:انظر: جامع البيان 16/69 وتفسير ابن كثير 3/118.
[44118]:(البراء) سقط من ز وحرف (السري)، فجعله السدي.
[44119]:ز: وكذلك.
[44120]:ز: بالقبطية، وكذلك في الدر المنثور 4/269. وبالنبطية في جامع البيان 16/69 ومعاني الزجاج 3/325 وابن كثير 3/117.
[44121]:انظر: جامع البيان 16/70 والدر المنثور 4/268.
[44122]:ز: وكذلك.
[44123]:انظر: جامع البيان 16/70.
[44124]:هو الحسن بن أبي الحسن يسار أبو سعيد البصري (ت 110 هـ) انظر: ترجمته في طبقات ابن خياط 210 وتذكرة الحفاظ 1/71 وتهذيب التهذيب 2/263.
[44125]:ذكره الطبري في جامع البيان 16/70، أن القاتل هو حميد بن عبد الرحمن.
[44126]:ز: رحمك.
[44127]:ع: يلتمس.
[44128]:انظر: جامع البيان 16/70 ومعاني الزجاج 3/325 وتفسير القرطبي 11/94 والبحر المحيط 6/183. ونقل ابن الجوزي عن ابن الأنباري أن الحسن قد رجع عن هذا القول إلى القول الأول انظر: زاد المسير 5/222.