الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَنَادَىٰهَا مِن تَحۡتِهَآ أَلَّا تَحۡزَنِي قَدۡ جَعَلَ رَبُّكِ تَحۡتَكِ سَرِيّٗا} (24)

وقولُهُ سبحانه : { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا } [ مريم : 24 ] .

قرأ ابنُ كَثِير ، وأبو عَمْرو ، وابن عامرٍ ، وعَاصِمٌ : «فناداها مَنْ تحتها » على أَن «مَنْ » فاعل بنادى ، والمراد بِ«مَنْ » عيسى قاله مجاهدٌ ، والحسنُ ، وابنُ جُبَيْرٍ ، وأَبي بنَ كَعْب . وقال ابن عباس : المراد ب«مَنْ » جِبْرِيلُ ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها . والقول الأولُ أَظهر وأبْيَنُ ، وبه يتبيّن عُذْر مريم ، ولا تبقى بها استرابة وقرأ نافعٌ ، وحمزةُ ، والكِسَائِيُّ ، وحَفْصٌ ، عن عَاصِمٍ : «مِنْ تَحْتِهَا » بكسر الميم ، واختلفوا أَيضاً فقالت فرقةٌ : المرادُ عيسى ، وقالت فِرْقَةٌ : المراد جِبْرِيلُ المحاور لها قَبْلُ ، قالوا : وكان في بُقْعة أَخفضَ من البُقْعة الَّتي كانت هي عليها ، والأَول أَظهَرُ ، وقرأ ابنُ عباس : «فَنَادَاهَا مَلَكٌ مِن تَحْتِهَا » والسَّرِيُّ : من الرجال العظيمُ السيّد ، والسري : أَيضاً الجدولُ مِنَ الماء وبحسَبِ هذا اختلف النّاسُ في هذه الآية . فقال قتادةُ ، وابنُ زيدٍ : أَراد جعل تحتك عَظِيماً من الرجال ، له شأنٌ ، وقال الجمهورُ : أَشار لها إلى الجَدْول .