الآية 155 وقوله تعالى : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ) ، وما ذكر فيه تذكير من الله عز وجل الخلق{[1769]} لئلا يجزعوا على ما يصيبهم من أنواع ما ذكر من المصائب ؛ وفي كل نوع [ من ذلك ]{[1770]} إضمار شيء من نحو : شيء من الخوف وشيء من الجوع ، والله أعلم ؛ لأن الله عز وجل أخبر في غير آية{[1771]} أنه خلقهم للموت والفناء ، وأن ما أعطاهم من الدنيا والزينة فيها ، كله للفناء والفوات ، بقوله : ( خلق الموت والحياة ليبلوكم ) الآية{[1772]} [ الملك : 2 ] وقوله : ( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها ) [ إلى قوله ]{[1773]} : ( وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا ) [ الكهف : 7 و8 ] ؛ أخبر أن الدنيا وزينتها للفناء ، فمن عرف أن ذلك كله دون ما ذكر ؟ وليعلموا{[1774]} أن ما أعطاهم من الحياة والصحة والسلامة لم يكن أعطاهم لحق{[1775]} لهم ، بل للإفضال والإحسان ، وقد جعل ذلك لمدة لا للأبد ، فكأنها في غير تلك المدة لغيرهم لا لهم ، فعرفوا به منته لوقت ، وحقه وقت الأخذ .
ثم يحتمل ما ذكر من الخوف وجهين : على جهة العبادة من نحو الأمر بمجاهدة العدو والقتال معه ، ويحتمل لا على جهة العبادة . وكذلك{[1776]} الجوع يحتمل الجوع الذي فيه عبادة ، وهو الصوم ، ويحتمل ما يصيبهم من المجاعة في القحط ما أصاب أهل مكة سنين . وكذلك قوله : ( ونقص من الأموال ) [ يحتمل امتحانهم ]{[1777]} بأداء الزكاة والصدقة ، ويحتمل الهلاك بسببه{[1778]} . وكذلك ( والأنفس ) يحتمل الصرف على الوجهين اللذين ذكرتهما . وكذلك ( والثمرات ) .
ثم لا يحتمل خصوص الامتحان بما ذكر دون غيره ، لأنهم كلهم عبيده ؛ له أن يمتحنهم أجمعين{[1779]} بجميع أنواع المحن . لكن الوجه فيه ما ذكرنا أنه لما عرفهم أن كل ذلك إنما خلق للفناء ، فالبعض منه كذلك ليخف ذلك عليهم ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.