تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَكُمۡ وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱسۡمَعُواْۖ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَعَصَيۡنَا وَأُشۡرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡعِجۡلَ بِكُفۡرِهِمۡۚ قُلۡ بِئۡسَمَا يَأۡمُرُكُم بِهِۦٓ إِيمَٰنُكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (93)

الآية 93 وقوله : و{ اذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة } قد ذكرنا{[1130]} في ما تقدم{[1131]} ما فيه مقنع إن شاء الله تعالى .

وقوله : { واسمعوا } يحتمل وجهين : يحتمل { واسمعوا } أي وأجيبوا ، ويحتمل { واسمعوا } وأطيعوا . لكن هذا في ما بين الخلق جائز : السمع والطاعة . وأما إضافة الطاعة إلى الله [ عز وجل ]{[1132]} [ فإنه غير جائز ؛ إذ ]{[1133]} لا يجوز أن يقال : أطاع الله ، وأما السمع فإنه يجوز لقوله [ عليه السلام ]{[1134]} : " سمع الله لمن حمده " [ البخاري : 690 ] .

[ وقوله ]{[1135]} : { قالوا سمعنا وعصينا } [ أي ]{[1136]} { سمعنا } قولك { وعصينا } [ أمرك ]{[1137]} لكن قولهم{[1138]}

{ وعصينا } لم يكن على إثر قلوبهم { سمعنا } ولكن بعد ذلك بأوقات ؛ لأنه قيل : لما أبوا قبول التوراة لما فيها من الشدائد والأحكام رفع الله الجبل فوقهم ، فقبلوا خوفا من{[1139]} أن يرسل عليهم الجبل ، وقالوا : أطعنا ، فلما زايل الجبل{[1140]} وعاد إلى مكانه ، فعند ذلك قالوا

{ وعصينا } ، وهو كقوله : { ثم توليتم من بعد ذلك } [ البقرة : 64 ] فالتولي منهم كان بعد ذلك بأوقات .

وقوله : { وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم } قيل { وأشربوا } أي جعل { في قلوبهم } حب عبادة العجل ]{ بكفرهم } بالله عز وحل ، وقيل : سقوا حب العجل ]{[1141]} ، وقيل : إن موسى لما أحرق العجل ، ونسفه في البحر جعلوا يشربون منه لحبهم العجل ، وقيل : لما أحرق ، ونسف في البحر جعلوا يلحسون الماء حتى اصفرت وجوههم ، وقيل : إنهم لما رأوا في التوراة ما فيها من الشدائد قالوا عند ذلك : عبادة العجل أهون مما فيها من الشرائع ، وكله يرجع إلى واحد ، وذلك كله آثار الحب .

وقوله : { قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين } قيل : { قل } يا محمد { قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين } بالعجل الكفر بالله عز وجل ، وقيل : إن اليهود ادعوا أنهم مؤمنون بالتوراة ، فقال : { قل بئسما يأمركم } أي بالتوراة إذ كفرتم بمحمد صلى الله عليه وسلم وقد وجدتموه فيها : بعثه{[1142]} ووصفه .


[1130]:- من ط م و ط ع، في الأصل: ذكر.
[1131]:- في تفسير الآية: 63.
[1132]:في ط ع: تعالى.
[1133]:- من ط م.
[1134]:- ساقطة من النسخ الثلاث.
[1135]:- من ط ع.
[1136]:- من ط ع.
[1137]:- من ط م، في الأصل و ط ع: قوله.
[1138]:- ساقطة من ط ع.
[1139]:- ساقطة من ط ع.
[1140]:- في ط ع: زال.
[1141]:- في تفسير الآية: 63.
[1142]:- في النسخ الثلاث: نعته.