الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ وَإِيتَآيِٕ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡيِۚ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (90)

قوله : { إن الله يأمرنا بالعدل والإحسان } إلى قوله : { ما تفعلون } [ 90-91 ] .

المعنى : أن الله [ عز وجل{[39693]} ] يأمر في الكتاب الذي أنزل على محمد [ صلى الله عليه وسلم ] بالعدل وهو الفرض والإحسان النافلة ، وقيل : العدل الإنصاف . ومن الإنصاف الإقرار{[39694]} لمن أنعم علينا بنعمته ، والشكر له على أفضاله وإخلاص العبادة له{[39695]} . وكذلك قال بعض المفسرين : العدل هنا شهادة أن لا إله إلا الله . وروي ذلك عن ابن عباس{[39696]} .

وقال ابن{[39697]} عيينة : العدل هنا استواء السريرة والعلانية من كل من{[39698]} عمل لله [ عز وجل ] عملا{[39699]} .

وقوله : { والإحسان } قال ابن عباس هو أداء الفرائض{[39700]} .

وقال ابن عينية الإحسان أن تكون سريرته أفضل من علانيته{[39701]} .

وقوله : { وإيتائي ذي القربى } [ 90 ] .

أي : إعطاؤهم الحق الذي أوجبه الله لهم في الفرائض وصلة الرحم{[39702]} .

{ وينهى عن الفحشاء } [ 90 ] .

أي : عن كل قول وفعل قبيح . وعن ابن عباس الفحشاء هنا الزنى{[39703]} . وقال ابن عيينة الفحشاء والمنكر هنا/ أن تكون علانيته أحسن من سريرته{[39704]} .

والمنكر في اللغة : كل ما ينكر من قول أو فعل{[39705]} .

وقوله : { والبغي } [ 90 ]{[39706]} ، قال ابن عباس : البغي : الكبر والظلم{[39707]} . والبغي في اللغة : أشد الفساد{[39708]} . وقيل : البغي التعدي ومجاوزة القدر والحد{[39709]} .

ثم قال تعالى : { يعظكم لعكم تذكرون } [ 90 ]{[39710]} أي : يوصيكم لعلكم تذكرون فتنتهوا إلى أمره ونهيه .

قال ابن مسعود : أجمع آية في القرآن لخير{[39711]} وشر آية في النحل { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } [ 90 ]{[39712]} الآية{[39713]} .

وقال قتادة : ليس من خلق حسن ، كان أهل الجاهلية يعملون به ويستحسنونه إلا أمر{[39714]} الله{[39715]} [ عز وجل{[39716]} ] به وليس{[39717]} من خلق سيىء كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله [ عز وجل{[39718]} ] عنه{[39719]} .

وقيل في قوله : { بالعدل{[39720]} } بألا يعبد إلا الله وحده لا شريك له فهذا هو العدل الحق . { والإحسان } هو أن تعبده كأنك تراه فإن لم تره فإنه يراك . ومن الإحسان أن تحب لولد آدم كلهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك ، إن كان مؤمنا أحببت له أن يزداد إيمانا ، وإن كان كافرا أحببت له أن يؤمن فيكون أخاك في الإسلام . { وإيتائي ذي القربى } صلة الرحم و القرابة بمالك أو بنفسك أو بدعائك له وبشرك في وجهه ، { وينهى عن الفحشاء{[39721]} } أي : عن ركوب المعاصي . { والمنكر } هو الشرك بالله { والبغي } هو أن تبغي على أخيك فتظلمه أو تغتابه فتبهته .


[39693]:ساقط من ق.
[39694]:ط: الأقدار.
[39695]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 14/162.
[39696]:ق: "وروي عن ابن عباس ذلك". وانظر قوله: في جامع البيان 14/162 والمحرر 10/224 والجامع 10/109 والدر 5/160.
[39697]:ط: سعيد بن عيينة.
[39698]:ق: ما عمل.
[39699]:انظر: قول ابن عيينة في جامع البيان 19/163 والجامع 10/109.
[39700]:انظر: قوله في جامع البيان 14/163 وأحكام ابن العربي 3/1173 والمحرر 10/224 والدر 5/160.
[39701]:انظر قوله: في جامع البيان 14/163.
[39702]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 14/162.
[39703]:انظر: قول ابن عباس في جامع البيان 14/163، والجامع 10/110 والدر 5/160.
[39704]:انظر : قول ابن عيينة في جامع البيان 14/163.
[39705]:ط: من فعل أو قول.
[39706]:النحل: 90.
[39707]:انظر: قول ابن عباس في جامع البيان 14/163، والدر 5/160.
[39708]:انظر: اللسان (بغا).
[39709]:وهو قول ابن جرير، انظر: جامع البيان 14/163.
[39710]:النحل: 90.
[39711]:ق: "أو".
[39712]:النحل: 90.
[39713]:أخرج هذا الأثر عن ابن مسعود الحاكم في المستدرك 2/356، وصححه، وانظره أيضا: في جامع البيان 14/163، وأحكام ابن العربي 3/1173، والمحرر 10/223، والجامع 10/109.
[39714]:ق: أمره.
[39715]:ق: الله الله.
[39716]:ساقط من ق.
[39717]:ق: ليس ليس.
[39718]:ساقط من ق.
[39719]:انظر قول قتادة في جامع البيان 14/163، والدر 5/160.
[39720]:ط : "يأمر بالعدل".
[39721]:ط: "ونهى عن الفحشاء".