قوله تعالى : { وَإذْ جَعَلْنَا مَثَابَةً لِلنَّاسِ } فيه قولان :
أحدهما : مجمعاً لاجتماع الناس عليه في الحج والعمرة .
والثاني : مرجعاً من قولهم قد ثابت العلة إذا رجعت . وقال الشاعر :
مثاباً لأفناءِ القبائل كلها *** تحب إليها اليعملات الذوامل{[194]}
أحدهما : أنهم يرجعون إليه المرة بعد المرة .
والثاني : أنهم في كل واحد من نُسُكَيَ الحج والعمرة يرجعون إليه من حل إلى حرم ؛ لأن الجمع في كل واحد من النسكين بين الحل والحرم شرط مستحق .
قال تعالى : { وَأَمْناً } فيه قولان :
أحدهما : لأمنه في الجاهلية من مغازي العرب ، لقوله :
{ وآمَنَهُم مِنْ خَوفٍ }[ قريش : 4 ] .
والثاني : لأمن الجناة فيه من إقامة الحدود عليهم حتى يخرجوا منه .
{ وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى } روى حماد{[195]} ، عن أنس بن مالك قال : قال عمر بن الخطاب : قلت يا رسول الله ، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى ، فأنزل الله تعالى : { وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى }{[196]} بكسر الخاء من قوله واتخذوا على وجه الأمر ، وقرأ بعض أهل المدينة : { وَاتَّخّذُوا } بفتح الخاء على وجه الخبر .
واختلف أهل التفسير في هذا المقام ، الذي أُمِرُوا باتخاذه مصلى ، على أربعة أقاويل :
أحدها : الحج كله ، وهذا قول ابن عباس .
والثاني : أنه عرفة ومزدلفة والجمار ، وهو قول عطاء والشعبي .
والثالث : أنه الحرم كله ، وهو قول مجاهد .
والرابع : أنه الحجر الذي في المسجد ، وهو مقامه المعروف{[197]} ، وهذا أصح .
وفي قوله : { مُصَلَّى } تأويلان :
أحدهما : مَدْعَى يَدْعِي فيه ، وهو قول مجاهد .
والثاني : أنه مصلى يصلي عنده ، وهو قول قتادة ، وهو أظهر التأويلين .
قوله تعالى : { وَعَهِدْنآ إِلى إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ } فيه تأويلان :
والثاني : أي أوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل .
{ أنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ } فيه ثلاثة أوجه :
وقوله تعالى : { بَيْتِيَ } يريد البيت الحرام .
فإن قيل : فلم يكن على عهد إبراهيم ، قبل بناء البيت بيت يطهر ، قيل : عن هذا جوابان :
أحدهما : معناه وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن ابنيا بيتي مُطَهَّراً ، وهذا قول السدي .
والثاني : معناه أن طهرا مكان البيت .
{ لِلطَّائِفِينَ } فيهم تأويلان :
أحدهما : أنهم الغرباء الذين يأتون البيت من غربة ، وهذا قول سعيد بن جبير .
والثاني : أنهم الذين يطوفون بالبيت ، وهذا قول عطاء .
{ وَالْعَاكِفِينَ } فيهم أربعة تأويلات :
أحدها : أنهم أهل البلد الحرام ، وهذا قول سعيد بن جبير وقتادة .
والثاني : أنهم المعتكفون وهذا قول مجاهد .
والثالث : أنهم المصلون وهذا قول ابن عباس .
والرابع : أنهم المجاورون للبيت الحرام بغير طواف ، وغير اعتكاف ، ولا صلاة ، وهذا قول عطاء .
{ والرُّكَّعِ السُّجُودِ } يريد أهل الصلاة ، لأنها تجمع ركوعاً وسجوداً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.