النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{۞فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنۡهُمُ ٱلۡكُفۡرَ قَالَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ} (52)

قوله تعالى : { فَلَمَّا أَحَسَّ عَيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ : مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : يعني من أنصاري مع الله .

والثاني : معناه من أنصاري في السبيل{[538]} إلى الله ، وهذا قول الحسن .

والثالث : معناه من ينصرني إلى نصر الله .

وواحد الأنصار نصير .

{ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ : نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ } اخْتُلِف في تسميتهم بالحواريين على ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنهم سُمُّوا بذلك لبياض ثيابهم ، وهذا قول سعيد بن جبير .

والثاني : أنهم كانوا قَصارين يبيضون الثياب ، وهذا قول ابن أبي نجيح{[539]} .

والثالث : أنهم خاصة الأنبياء ، سموا بذلك لنقاء قلوبهم ، وهذا قول قتادة ، والضحاك . وأصل الحواري : الحور وهو شدة البياض ، ومنه الحواري من الطعام لشدة بياضه ، والحَوَر نقاء بياض العين .

واختلفوا في سبب استنصار المسيح بالحواريين على ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه استنصر بهم طلباً للحماية من الكفار الذين أرادوا قتله حين أظهر دعوته ، وهذا قول الحسن ، ومجاهد .

والثاني : أنه استنصر بهم ليتمكن من إقامة الحجة وإظهار الحق .

والثالث : لتمييز المؤمن الموافق من الكافر المخالف .


[538]:- في ك: فمن سبيلي إلى الله.
[539]:- ق: ابن جريج والصواب ما أثبتناه عن نسخة ك وهو كذلك في تفسير القرطبي.