الإحساس : الإدراك ببعض الحواس الخمس وهي : السمع والبصر والشم والذوق واللمس .
يقال : أحسست الشيء ، وحسست به .
وتبدل سينه ياء فيقال : حسيت به ، أو تحذف أولى سينيه في أحسست فيقول : أحست .
سوى ان العتاق من المطايا *** أحسن به فهن إليه شوس
وقال سيبويه : وما شذ من المضاعف ، يعني في الحذف ، فشبيه بباب : أقمت ، وذلك قولهم : أحست وأحسن يريدون : أحسست ، وأحسسن ، وكذلك يفعل بكل بناء تبنى لام الفعل فيه على السكون ولا تصل إليه الحركة ، فإذا قلت لم أحس لم تحذف .
ومنه قيل : الحضريات الحواريات لخلوص ألوانهنّ ونظافتهنّ قال أبو جَلْدة اليشكري :
فقل للحواريات يبكين غيرنا *** ولا تبكنا إلا الكلابُ النوابح
ومثله في الوزن : الحوالي ، للكثير الحيل ، وليست الياء فيهما للنسب ، وهو مشتق من : الحور ، وهو البياض .
{ فلما أحسّ عيسى منهم الكفر } تقدّم ترتيب هذه الجملة على ما قبلها من الكلام ، وهل الحذف بعد قوله { صراط مستقيم } أو بعد قوله : { ورسولاً إلى بني إسرائيل } وذلك عند تفسير { ورسولاً إلى بني إسرائيل }
قال مقاتل : أحس ، هنا رأى من رؤية العين أو القلب وقال الفراء : أحسّ وجد وقال أبو عبيدة : عرف .
والكفر : هنا جحود نبوّته وإنكار معجزاته ، و : منهم ، متعلق بأحس قيل : ويجوز أن يكون حالاً من الكفر .
{ قال مَن أنصاري إلى الله } لما أرادوا قتله استنصر عليهم ، قال مجاهد وقال غيره : إنه استنصر لما كفروا به وأخرجوه من قريتهم وقيل : استنصرهم لإقامة الحق .
قال المغربي : إنما قال عيسى : { من أنصاري إلى الله } بعد رفعه إلى السماء وعوده إلى الأرض ، وجمع الحواريين الأثني عشر ، وبثهم في الآفاق يدعون إلى الحق ، وما قاله من أن ذلك القول كان بعد ما ذكر بعيد جداً ، لم يذكره غيره ، بل المنقول .
والظاهر أنه قال ذلك قبل رفعه إلى السماء .
قال السدّي : من أعواني مع الله .
وقال الحسن : من أنصاري في السبيل إلى الله .
وقال أبو علي الفارسي معنى : إلى الله : لله ، كقوله : { يهدي إلى الحق } أي للحق وقيل : من ينصرني إلى نصر الله .
وقيل : من ينقطع معي إلى الله ، قاله ابن بحر وقيل : من ينصرني إلى أن أبين أمر الله وقال أبو عبيدة : من أعواني في ذات الله ؟ وقال ابن عطية : من أنصاري إلى الله .
عبارة عن حال عيسى في طلبه من يقوم بالدين ، ويؤمن بالشرع ويحميه ، كما كان محمد صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل ، ويتعرض للأحياء في المواسم .
انتهى وقال الزمخشري وإلى الله من صلة أنصاري ؟ مضمناً معنى الإضافة ، كأنه قيل : من الذين يضيفون أنفسهم إلى الله ينصرونني كما ينصرني ؟ أو يتعلق بمحذوف حالاً من الياء ، أي : من أنصاري ذاهباً إلى الله ملتجئاً إليه ؟ انتهى .
{ قال الحواريون } أي أصفياء عيسى .
أو : البيض الثياب ، رواه ابن جبير عن ابن عباس .
أو : القصارون ، سموا بذلك لأنهم يجودون الثياب ، أي يبيضونها ، قاله الضحاك ، ومقاتل .
أو : المجاهدون ، أو : الصيادون ، قال لهم عيسى على نبينا وعليه السلام : ألا تمشون معي تصطادون الناس لله ؟ فأجابوا .
قال مصعب : كانوا اثني عشر رجلاً يسيحون معه ، يخرج لهم ما احتاجوا إليه من الأرض ، فقالوا : من أفضل منا ؟ نأكل من أين شئنا .
فقال عيسى : من يعمل بيده ؟ ويأكل من كسبه ؟ فصاروا قصَّارين وحكى ابن الأنباري : الحواريون : الملوك وقال الضحاك ، وأبو أرطاة : الغسالون وقال ابن المبارك : الحوار النور ، ونسبوا إليه لما كان في وجوههم من سيما العبادة ونورها وقال تاج القراء : الحواري : الصديق .
قيل : لما أراهم الآيات وضع لهم ألواناً شتى من حب واحد آمنوا به واتبعوه .
وقرأ الجمهور : الحواريون ، بتشديد الياء .
وقرأ إبراهيم النخعي ، وأبو بكر الثقفي ، بتخفيف الياء في جميع القرآن ، والعرب تستثقل ضمة الياء المكسور ما قبلها في مثل : القاضيون ، فتنقل الضمة إلى ما قبلها وتحذف الياء لالتقائها ساكنة مع الساكن بعدها ، فكان القياس على هذا أن يقال : الحوارون ، لكن أقرت الضمة ولم تنقل دلالة على أن التشديد مراد ، إذ التشديد يحتمل الضمة كما ذهب إليه الأخفش في : يستهزئون ، إذ أبدل الهمزة ياءً ، وحملت الضمة تذكراً لحال الهمزة المراد فيها .
{ نحن أنصار الله } أي : أنصار دينه وشرعه .
{ آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون } لما ذكروا أنهم أنصار الله ذكروا مستنداً لإيمانهم ، لأن انقياد الجوارح تابعة لانقياد القلب وتصديقه ، والرسل تشهد يوم القيامة لقومهم ، وعليهم .
ودل ذلك على أن عيسى عليه السلام كان على دين الإسلام ، برأه الله من سائر الأديان كما برأ إبراهيم بقوله : { ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً }
الآية ، ويحتمل أن يكون : واشهد ، خطاباً لله تعالى أي : واشهد يا ربنا ، وفي هذا توبيخ لنصارى نجران ، إذ حكى الله مقالة أسلافهم المؤمنين لعيسى ، فليس كمقالهم فيه ، ودعوى الإلهية له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.