فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنۡهُمُ ٱلۡكُفۡرَ قَالَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ} (52)

قال أبو عبيدة معنى { أحس } عرف . وقال الزجاج : المعنى علم ووجد ، وقال الفراء : أرادوا قتله . لما وجد المسيح عليه السلام من أكثر من دعاهم نكران نبوته بعدما تبين لهم من برهان الله الذي أوتي عيسى . . استنصر عليهم فقال من أنصاري في السبيل إلى الله ؟ عن الحسن ومجاهد : طلب النصرة ليحتمي بها من قومه ويظهر الدعوة . يقول علماء القرآن : وهذه سنة الله في أنبيائه وقد قال لوط عليه السلام { . . لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد }{[977]} أي عشيرة وأصحابا ينصرونني .

{ وقال الحواريون نحن أنصار الله } قال الكلبي وأبو روق : أي أنصار نبي الله ودين الله والحواريون{[978]} أصحاب عيسى عليه السلام وكانوا اثني عشر رجلا عن ابن عباس : سموا بذلك لبياض ثيابهم وكانوا صيادين وعن ابن أبي نجيح : كانوا قاصرين فسموا بذلك لتبييضهم الثياب . وعن قتادة والضحاك سموا بذلك لأنهم كانوا خاصة الأنبياء .

{ آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون } من جملة قول الحواريين قولهم آمنا بالله أي صدقنا بجلال الله المعبود بحق واستيقنا بأنه الأحد الذي لم يولد ولم يلد ولم يكن له كفوا أحد واشهد يا عيسى بأنا مسلمون لربنا منقادون لشرعته خاضعون لسلطانه وأمره . نقل عن محمد بن جعفر بن الزبير : وهذا قولهم الذي أصابوا به الفضل من ربهم . . . لا كما يقول هؤلاء الذين يحاجونك فيه يعني وفد نصارى نجران .

ومما يقول أبو جعفر : وهذا خبر من الله عز وجل أن الإسلام دينه الذي ابتعث به عيسى بن مريم والأنبياء من قبله لا النصرانية ولا اليهودية ، وتبرئة من الله لعيسى ممن انتحل النصرانية ودان بها ، كما برأ إبراهيم من سائر الأديان غير الإسلام ، وذلك احتجاج من الله تعالى ذكره تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم على وفد نجران .


[977]:من سورة هود من الآية 80.
[978]:أصل الحور في اللغة البياض وحورت الثياب بيضتها والحوارى من الطعام ما حور أي بيض والحواريون أيضا الناصر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل نبي حواري وحواريي الزبير" والحواريات النساء لبياضهن"