الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَجَزَـٰٓؤُاْ سَيِّئَةٖ سَيِّئَةٞ مِّثۡلُهَاۖ فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ فَأَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (40)

{ وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } سمي الجزاء بإسم الابتداء وإن لم يكن سيئة لتشابههما في الصورة . قال ابن نجيح : هو أن يجاب قائل الكلمة القبيحة بمثلها ، فإذا قال : أخزاه الله . يقول له : أخزاه الله ، وقال السدّي : إذا شتمك بشتمة فاشتمه بمثلها من غير أن تعتدي .

أخبرنا ابن فنجويه ، حدثنا ابن حنش المقري ، حدثنا أبو القاسم بن الفضل ، حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ، قال سفيان بن عيينة : قلت لسفيان الثوري : ما قوله تعالى : { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } أن يشتمك رجل فتشتمه ؟ ، أو أن يفعل بك فتفعل به ؟ فلم أجد عنده شيئاً فسألت هشام بن حجير عن هذه الآية ، فقال : الجارح إذا جرح تقتص منه وليس هو أن يسبك فتسبه .

وقال سفيان : وكان ابن شبرمة يقول : أليس بمكّة مثل هشام بن حجير فمن عفا فلم ينتقم . قال ابن عباس : فمن ترك القصاص وأصلح ، وقال مقاتل : وكان العفو من الأعمال الصالحة فأجره على الله .

قال ابن فنجويه العدل ، حدثنا محمد بن الحسن بن بشر ، أخبرنا أبو العباس محمد بن جعفر بن ملاس الدمشقي ، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن بشر القريشي ، حدثنا زهير بن عباد المدائني ، حدثنا سفيان بن عينية عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة ، نادى مناد من كان له على اللهِ أجرٌ ، فليقم ، قال : فيقوم عنق كثير . قال : فقال : ما أجركم على الله ، فيقولون : نحن الّذين عفونا عمّن ظلمنا ، وذلك قوله تعالى : { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } فيقال لهم : ادخلوا الجنّة بإذن الله " .

/د40