النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{ٱنفِرُواْ خِفَافٗا وَثِقَالٗا وَجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (41)

قوله عز وجل : { انفِرُواْ خِفَافاً وثِقَالاً } فيه عشرة تأويلات :

أحدها : يعني شباباً وشيوخاً ، قاله الحسن وعكرمة ومجاهد .

والثاني : في اليسر والعسر فقراء وأغنياء ، قاله أبو صالح .

والثالث : مشاغيل وغير مشاغيل ، قاله الحكم .

والرابع : نشاطاً وغير نشاط ، قاله ابن عباس وقتادة .

والخامس : ركباناً ومشاة ، قاله أبو عمرو الأوزاعي .

والسادس : ذا صنعة وغير ذي صنعة ، قاله ابن زيد .

والسابع : ذا عيال وغير ذي عيال ، قاله زيد بن أسلم .

والثامن : أصحاء وغير أصحاء ومرضى ، قاله جويبر .

والتاسع : على خفة البعير وثقله ، قاله علي بن عيسى والطبري .

والعاشر : خفافاً إلى الطاعة وثقالاً عن المخالفة .

ويحتمل حادي عشر : خفافاً إلى المبارزة ، وثقالاً في المصابرة .

{ وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } أما الجهاد بالنفس فمن فروض الكفايات إلا عند هجوم العدو فيصير متعيناً .

وأما بالمال فبزاده وراحلته إذا قدر على الجهاد بنفسه ، فإن عجز عنه بنفسه فقد ذهب قوم إلى أن بذل المال يلزم بدلاً عن نفسه . وقال جمهورهم : لا يجب لأن المال في الجهاد تبع النفس إلا سهم سبيل الله من الزكاة .

{ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ } فيه وجهان :

أحدهما : أن الجهاد خير لكم من تركه إلى ما أبيح من القعود عنه .

والثاني : معناه أن الخير في الجهاد لا في تركه .

{ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } فيه وجهان :

أحدهما : إن كنتم تعلمون صدق الله تعالى فيما وعد به من ثوابه وجنته .

والثاني : إن كنتم تعلمون أن الخير في الجهاد .

ويحتمل وجهاً ثالثاً : إن كنتم تعلمون أن لله تعالى يريد لكم الخير .