المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ فَإِذَا ٱطۡمَأۡنَنتُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا} (103)

103- وإذا أتممتم صلاة الحرب التي تسمى صلاة الخوف فلا تنسوا ذكر الله دائماً ، فاذكروه قائمين محاربين واذكروه وأنتم قاعدون ، واذكروه وأنتم نائمون ، فإن ذكر الله - تعالى - يُقَوِّى القلوب ، وبه اطمئنانها ، فإذا ذهب الخوف وكان الاطمئنان ، فأدوا الصلاة متكاملة فإن الصلاة قد فرضت على المؤمنين موقوتة بأوقاتها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ فَإِذَا ٱطۡمَأۡنَنتُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا} (103)

قوله تعالى : { فإذا قضيتم الصلاة } ، يعني : صلاة الخوف ، أي : فرغتم منها .

قوله تعالى : { فاذكروا الله } أي صلوا لله .

قوله تعالى : { قياماً } في حال الصحة .

قوله تعالى : { وقعوداً } ، في حال المرض .

قوله تعالى : { وعلى جنوبكم } ، عند الجرح والزمانة ، وقيل : اذكروا الله بالتسبيح والتحميد والتهليل والتمجيد ، على كل حال .

أخبرنا عمرو بن عبد العزيز الكاشاني أنا القاسم بن جعفر الهاشمي ، أنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي ، أنا أبو داود السجستاني ، أنا محمد بن العلاء ، أنا ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن خالد بن سلمة عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه " .

قوله تعالى : { فإذا اطمأننتم } أي : سكنتم وأمنتم .

قوله تعالى : { فأقيموا الصلاة } . أي : أتموها أربعاً بأركانها .

قوله تعالى : { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } ، قيل : واجباً مفروضاً ، مقدراً في الحضر أربع ركعات ، وفي السفر ركعتان . وقال مجاهد : أي فرضاً مؤقتاً وقته الله تعالى عليهم . وقد جاء بيان أوقات الصلاة في الحديث . أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أنا حاجب بن أحمد الطوسي ، أنا أبو بكر عبد الله بن هاشم حدثنا وكيع ، أنا سفيان عن عبد الرحمن بن الحارس عن عياش بن أبي ربيعة الزرقي ، عن حكيم بن أبي حكيم ، بن عباد بن حنيف ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أمني جبريل عليه السلام عند باب البيت مرتين ، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت بقدر الشراك ، وصلى بي العصر حين صار ظل كل شيء مثله ، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم ، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق ، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم ، فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظل كل شيء مثله ، وصلى بي العصر حين كان ظل كل شيء مثليه ، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم ، وصلى بي العشاء ثلث الليل الأول ، وصلى بي الفجر أسفر ، ثم التفت إلي فقال : يا محمد ، هذا وقت الأنبياء من قبلك ، والوقت ما بين هذه الوقتين ) .

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو بكر بن الحسن الحيري ، أنا وكيع ، أنا حاجب بن أحمد ، ثنا عبد الله بن هاشم ، ثنا وكيع ، ثنا بدر بن عثمان ، ثنا أبو بكر بن أبي موسى الأشعري ، عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن سائلاً أتاه فسأله عن مواقيت الصلاة ، قال : فلم يرد عليه شيئاً ، ثم أمر بلالاً فأذن ، ثم أمره فأقام الصلاة حين انشق الفجر فصلى ، ثم أمره فأقام الظهر ، والقائل يقول : قد زالت الشمس أو لم تزل ، وهو كان أعلم منهم ، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية ، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس ، ثم أمره فأقام العشاء حين سقط الشفق ، قال : وصلى الفجر من الغد ، والقائل يقول : طلعت الشمس أو لم تطلع ، وصلى الظهر قريباً من وقت العصر بالأمس ، وصلى العصر والقائل يقول : قد احمرت الشمس ، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق ، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل الأول ، ثم قال : أين السائل عن الوقت ؟ فقال الرجل : أنا يا رسول الله . قال : " ما بين هذين الوقتين وقت " .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ فَإِذَا ٱطۡمَأۡنَنتُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا} (103)

يأمر الله تعالى بكثرة الذكر عقيب صلاة الخوف ، وإن كان مشروعا مرغبا فيه أيضا بعد غيرها ، ولكن هاهنا آكد لما وقع فيها من التخفيف في أركانها ، ومن الرخصة في الذهاب فيها والإياب وغير ذلك ، مما ليس يوجد في غيرها ، كما قال تعالى في{[8245]} الأشهر الحرم : { فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } [ التوبة : 36 ] ، وإن كان هذا منهيا عنه في غيرها ، ولكن فيها آكد لشدة حرمتها وعظمها ؛ ولهذا قال تعالى : { فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ } أي في سائر أحوالكم .

ثم قال : { فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ } أي : فإذا أمنتم وذهب الخوف ، وحصلت الطمأنينة { فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ } أي : فأتموها وأقيموها كما أمرتم بحدودها ، وخشوعها ، وسجودها وركوعها ، وجميع شئونها .

وقوله : { إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } قال ابن عباس : أي مفروضا . وكذا روي عن مجاهد ، وسالم بن عبد الله ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، والحسن ، ومقاتل ، والسدي ، وعطية العوفي .

وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : { إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } قال ابن مسعود : إن للصلاة وقتا{[8246]} كوقت الحج .

وقال زيد بن أسلم : { إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } قال : منجما ، كلما مضى نجم ، جاءتهم يعني : كلما مضى وقت جاء وقت .


[8245]:في أ: "حين ذكر".
[8246]:في د، ر: "للصلاة وقت".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ فَإِذَا ٱطۡمَأۡنَنتُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا} (103)

{ فإذا قضيتم الصلاة } أديتم وفرغتم منها . { فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم } فداوموا على الذكر في جميع الأحوال ، أو إذا أردتم أداء الصلاة واشتد الخوف فأدوها كيفما أمكن ، قياما مسايفين ومقارعين ، وقعودا مرامين وعلى جنوبكم مثخنين . { فإذا اطمأننتم } سكنت قلوبكم من الخوف . { فأقيموا الصلاة } فعدلوا واحفظوا أركانها وشرائطها وائتوا بها تامة . { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } فرضا محدود الأوقات لا يجوز إخراجها عن أوقاتها في شيء من الأحوال ، وهذا دليل على أن المراد بالذكر الصلاة وأنها واجبة الأداء حال المسايفة والاضطراب في المعركة ، وتعليل للأمر بالإيتاء بها كيفما أمكن . وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يصلي المحارب حتى يطمئن .