المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَشِحَّةً عَلَيۡكُمۡۖ فَإِذَا جَآءَ ٱلۡخَوۡفُ رَأَيۡتَهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ تَدُورُ أَعۡيُنُهُمۡ كَٱلَّذِي يُغۡشَىٰ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلۡخَوۡفُ سَلَقُوكُم بِأَلۡسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلۡخَيۡرِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يُؤۡمِنُواْ فَأَحۡبَطَ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا} (19)

19- حُرَصاء عليكم في الظاهر حيث لا خوف ، فإذا جاء الخوف من قبل العدو أو من قبل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم حائرة ، كحال المغشي عليه من سكرات الموت ، فإذا ذهب الخوف بالغوا في ذمكم وشتمكم بألسنة قاطعة ، بخلاء بكل خير . أولئك لم يؤمنوا بقلوبهم وإن أعلنوا إسلامهم فأبطل الله أعمالهم بإضمارهم الكفر ، وكان ذلك الإحباط أمرا هينا على الله{[178]} .


[178]:تشير هذه الآية إلى حقيقة علمية لم يكن سبيلها معلوما عند نزول القرآن الكريم، وهي دوران مقلة العين عند اقتراب الموت وعند الخوف، ومن أسباب ذلك أن شدة الخوف تذهب الوعي فيبطل الإدراك فتختل المراكز العصبية اللاواعية في منطقة مهاد المخ فيصير الخائف شبيها بحالة الذي يغشى عليه الموت، إذ تدور مقلته وتتسع حدقته وتثبت على اتساعها حتى الموت.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَشِحَّةً عَلَيۡكُمۡۖ فَإِذَا جَآءَ ٱلۡخَوۡفُ رَأَيۡتَهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ تَدُورُ أَعۡيُنُهُمۡ كَٱلَّذِي يُغۡشَىٰ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلۡخَوۡفُ سَلَقُوكُم بِأَلۡسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلۡخَيۡرِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يُؤۡمِنُواْ فَأَحۡبَطَ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا} (19)

قوله عز وجل : { أشحة عليكم } بخلاء بالنفقة في سبيل الله ، وقال قتادة : بخلاء عند الغنيمة ، وصفهم الله بالبخل والجبن ، فقال : { فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم } في الرؤوس من الخوف والجبن ، { كالذي يغشى عليه من الموت } أي : كدوران الذي يغشى عليه من الموت ، وذلك أن من قرب من الموت وغشيه أسبابه يذهب عقله ويشخص بصره ، فلا يطرف ، { فإذا ذهب الخوف سلقوكم } آذوكم ورموكم في حال الأمن ، { بألسنة حداد } ذرية ، جمع حديد . يقال للخطيب الفصيح الذرب اللسان : مسلق ومصلق وسلاق وصلاق . قال ابن عباس : سلقوكم أي : عضهوكم وتناولوكم بالنقص والغيبة . وقال قتادة : بسطوا ألسنتهم فيكم وقت قسمة الغنيمة ، يقولون : أعطونا فإنا قد شهدنا معكم القتال ، فلستم أحق بالغنيمة منا ، فهم عند الغنيمة أشح قوم وعند البأس أجبن قوم ، { أشحةً على الخير } أي : عند الغنيمة يشاحون المؤمنين ، { أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم } قال مقاتل : أبطل الله جهادهم . { وكان ذلك على الله يسيرا* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَشِحَّةً عَلَيۡكُمۡۖ فَإِذَا جَآءَ ٱلۡخَوۡفُ رَأَيۡتَهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ تَدُورُ أَعۡيُنُهُمۡ كَٱلَّذِي يُغۡشَىٰ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلۡخَوۡفُ سَلَقُوكُم بِأَلۡسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلۡخَيۡرِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يُؤۡمِنُواْ فَأَحۡبَطَ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا} (19)

{ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ } بأبدانهم عند القتال ، وبأموالهم عند النفقة فيه ، فلا يجاهدون بأموالهم وأنفسهم . { فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ } نظر المغشى عليه { مِنَ الْمَوْتِ } من شدة الجبن ، الذي خلع قلوبهم ، والقلق الذي أذهلهم ، وخوفًا من إجبارهم على ما يكرهون ، من القتال .

{ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ } وصاروا في حال الأمن والطمأنينة ، { سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَة } أي : خاطبوكم ، وتكلموا معكم ، بكلام حديد ، ودعاوى غير صحيحة .

وحين تسمعهم ، تظنهم أهل الشجاعة والإقدام ، { أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ } الذي يراد منهم ، وهذا شر ما في الإنسان ، أن يكون شحيحًا بما أمر به ، شحيحًا بماله أن ينفقه في وجهه ، شحيحًا في بدنه أن يجاهد أعداء اللّه ، أو يدعو إلى سبيل اللّه ، شحيحًا بجاهه ، شحيحًا بعلمه ، ونصيحته ورأيه .

{ أُولَئِكَ } الذين بتلك الحالة { لَمْ يُؤْمِنُوا } بسبب عدم إيمانهم ، أحبط الله أعمالهم ، { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا }

وأما المؤمنون ، فقد وقاهم اللّه ، شح أنفسهم ، ووفقهم لبذل ما أمروا به ، من بذل لأبدانهم في القتال في سبيله ، وإعلاء كلمته ، وأموالهم ، للنفقة في طرق الخير ، وجاههم وعلمهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَشِحَّةً عَلَيۡكُمۡۖ فَإِذَا جَآءَ ٱلۡخَوۡفُ رَأَيۡتَهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ تَدُورُ أَعۡيُنُهُمۡ كَٱلَّذِي يُغۡشَىٰ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلۡخَوۡفُ سَلَقُوكُم بِأَلۡسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلۡخَيۡرِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يُؤۡمِنُواْ فَأَحۡبَطَ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا} (19)

{ أشحة عليكم } بخلاء عليكم بالمعاونة أو النفقة في سبيل الله أو الظفر أو الغنيمة ، جمع شحيح ونصبها على الحال من فاعل { يأتون } أو { المعوقين } أو على الذم . { فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم } في أحداقهم . { كالذي يغشى عليه } كنظر المغشي عليه أو كدوران عينيه ، أو مشبهين به أو مشبهة بعينه . { من الموت } من معالجة سكرات الموت خوفا ولواذا بك . { فإذا ذهب الخوف } وحيزت الغنائم . { سلقوكم } ضربوكم . { بألسنة حداد } ذرية يطلبون الغنيمة ، والسلق البسط بقهر باليد أو اللسان . { أشحة على الخير } نصب على الحال أو الذم ، ويؤيده قراءة الرفع وليس بتكرير لأن كلا منهما مقيد من وجه . { أولئك لم يؤمنوا } إخلاصا . { فأحبط الله أعمالهم } فأظهر بطلانها إذ لم تثبت لهم أعمال فتبطل أو أبطل تصنعهم ونفاقهم . { وكان ذلك } الإحباط . { على الله يسيرا } هينا لتعلق الإرادة به وعدم ما يمنعه عنه .