الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{أَشِحَّةً عَلَيۡكُمۡۖ فَإِذَا جَآءَ ٱلۡخَوۡفُ رَأَيۡتَهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ تَدُورُ أَعۡيُنُهُمۡ كَٱلَّذِي يُغۡشَىٰ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلۡخَوۡفُ سَلَقُوكُم بِأَلۡسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلۡخَيۡرِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يُؤۡمِنُواْ فَأَحۡبَطَ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا} (19)

قوله : { أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ } أي بخلاء بالخير والنفقة في سبيل الله وعند قَسم الغنيمة ، وهي نصب على الحال والقطع من قوله : { وَلاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً } وصفهم الله بالجبن والبخل .

{ فَإِذَا جَآءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ } في رؤوسهم من الخوف والجبن { كَالَّذِي } أي كدوران عين الذي { يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ } عصوكم ورموكم { بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ } ذربة جمع حديد ، ويقال للخطيب الفصيح اللسان الذرب اللسان ، مسلق ومصلق وسلاق وصلاق وأصل السلق الضرب .

وقال قتادة : يعني بسطوا ألسنتهم فيكم وقت قسم الغنيمة ، يقولون : أعطونا أعطونا فإنّا قد شهدنا معكم القتال فلستم بأحقّ بالغنيمة منّا ، فأمّا عند الغنيمة فأشحّ قوم وأسوأ مقاسمة ، وأمّا عند البأس فأجبن قوم وأخذلهم للحقّ .

{ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ } يعني الغنيمة { أوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً } .