مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{أَشِحَّةً عَلَيۡكُمۡۖ فَإِذَا جَآءَ ٱلۡخَوۡفُ رَأَيۡتَهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ تَدُورُ أَعۡيُنُهُمۡ كَٱلَّذِي يُغۡشَىٰ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلۡخَوۡفُ سَلَقُوكُم بِأَلۡسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلۡخَيۡرِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يُؤۡمِنُواْ فَأَحۡبَطَ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا} (19)

{ أَشِحَّةً } جمع شحيح وهو البخيل نصب على الحال من الضمير في { يَأْتُونَ } أي يأتون الحرب بخلاء { عَلَيْكُمْ } بالظفر والغنيمة { فَإِذَا جَاء الخوف } من قبل العدو أو منه عليه السلام { رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ } في تلك الحالة { تَدورُ أَعْيُنُهُمْ } يميناً وشمالاً { كالذى يغشى عَلَيْهِ مِنَ الموت } كما ينظر المغشى عليه من معالجة سكرات الموت حذراً وخوفاً ولواذاً بك .

{ فَإِذَا ذَهَبَ الخوف } زال ذلك الخوف وأمنوا وحيزت الغنائم { سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ } خاطبوكم مخاطبة شديدة وآذوكم بالكلام . خطيب مسلق فصيح ورجل مسلاق مبالغ في الكلام أي يقولون : وفّروا قسمتنا فإنا قد شاهدناكم وقاتلنا معكم وبمكاننا غلبتم عدوكم { أَشِحَّةً عَلَى الخير } أي خاطبوكم أشحة على المال والغنيمة و { أَشِحَّةً } حال من فاعل { سَلَقُوكُم } { أوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ } في الحقيقة بل بالألسنة { فَأَحْبَطَ الله أعمالهم } أبطل بإضمارهم الكفر ما أظهروه من الأعمال { وَكَانَ ذلك } إحباط أعمالهم { عَلَى الله يَسِيراً } هيناً .