قوله : { أَشِحَّةً } : العامَّةُ على نصبه . وفيه وجهان ، أحدهما ، أنَّه منصوبٌ على الشتم . والثاني : على الحال . وفي العاملِ فيه أوجهٌ ، أحدها : " ولا يأتون " قاله الزجاج . الثاني : " هلمَّ إلينا " . قاله الطبري . الثالث : يُعَوِّقُون مضمراً . قاله الفراء . الرابع : المُعَوِّقين . الخامس : " القائلين " . ورُدَّ هذان الوجهان الأخيران : بأنَّ فيهما الفصلَ بين أبعاضِ الصلة بأجنبي . وفي الردِّ نظرٌ ؛ لأنَّ الفاصلَ بين أبعاضِ الصلةِ مِنْ متعلَّقاتها . وإنما يظهر الردُّ على الوجه الرابعِ لأنه قد عُطِفَ على الموصولِ قبل تمامِ صلتِه فتأمَّلْه فإنه حَسَنٌ . وأمَّا " ولا يأتُون " فمعترِضٌ ، والمعترضُ لا يمنعُ من ذلك .
وقرأ ابن أبي عبلة " أَشِحَّةٌ " بالرفع على خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ أي : هم أَشِحَّةٌ . وأشحَّة جَمْعُ شَحيح ، وهو جمعٌ لا ينقاس ؛ إذ قياسُ فَعِيل الوصفِ الذي عينُه ولامُه مِنْ وادٍ واحدِ أن يُجْمَعَ على أفْعِلاء نحو : خليل وأَخِلاَّء ، وظَنين وأَظِنَّاء وضَنين وأَضِنَّاء . وقد سُمِعَ أشِحَّاء ، وهو القياس . والشُّحُّ : البخل . وقد تقدَّم في آل عمران .
قوله : " يَنْظُرون " في محلِّ حالٍ مِنْ مفعول " رَأَيْتَهم " لأن الرؤيةَ بَصَرية .
قوله : " تَدُورُ " إمَّا حالٌ ثانية ، وإمَّا حالٌ مِنْ " يَنْظُرون " .
قوله : " كالذي يُغْشَى " يجوز فيه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أَنْ تكونَ حالاً مِنْ " أعينُهم " أي : تدورُ أعينُهم حالَ كونِها مُشْبِهَةً عينَ الذي يُغْشى عليه من الموتِ . الثاني : أنه نعتُ مصدرٍ مقدَّرٍ لقوله " يَنْظُرون " تقديرُه : ينظرون إليك نَظَراً مثلَ نَظَرِ الذي يُغْشى عليه من الموت ، ويُؤَيَّدُهُ الآيةُ الأخرى " يَنْظُرون إليك نَظَرَ المَغْشِيِّ عليه من الموت " . الثالث : أنه نعتٌ لمصدرٍ مقدَّرٍ أيضاً ل " تدورُ " أي : دَوَراناً مثلَ دَوَرانِ عَيْنِ الذي . وهو على الوجهين مصدرٌ تشبيهيٌّ .
قوله : " سَلَقوكم " يقال : سَلَقه أي : اجترأ عليه في خِطابه ، وخاطبه مُخاطبةً بليغةً . وأصلُه البَسْط ومنه : سَلَقَ امرأتَه أي : بَسَطَها وجامَعَها . قال مسيلمةُ لسجاح لعنهما الله تعالى :
فإنْ شِئْتِ سَلَقْنَاك *** وإن شِئْتِ على أربعْ
والسَّليقَةُ : الطبيعةُ المتأتِّيَةُ . والسَّلِيقُ : المَطمئنُّ من الأرض . وخطيبٌ مِسْلاق وسَلاَّق . ويقال بالصاد قال الشاعر :
فَصَلَقْنا في مُرادٍ صَلْقَةً *** وصُداءٍ أَلْحَقَتْهُمْ بالثَّلَلْ
و " أشحةً " نصب على الحال مِنْ فاعلِ " سَلَقُوكم " . وابن أبي عبلة على ما تقدَّم في أختها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.