المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ} (1)

مقدمة السورة:

بدأت هذه السورة بوعيد شديد لمن يأخذ لنفسه وافيا ، ويعطي غيره ناقصا ، وصورت ذلك بما قامت عليه معاملات الناس في استيفاء حقوقهم من الكيل والوزن ، وهددت هذا النوع بوقوع البعث والحساب ، وقررت أن أعمالهم مسجلة عليهم في كتاب مرقوم . لا يكذب به إلا كل معتد أثيم محجوب عن ربه ، مصيره إلى جهنم .

وانتقلا إلى الأبرار فطمأنتهم إلى أعمالهم ، وذكرت نعيمهم وسماتهم ، مشيرة إلى نوع من النعيم فيه يتنافس المتنافسون ، وصورت الآيات ما كان يفعله الكفار المجرمون مع المؤمنين حين يرونهم أو حين يمر بهم المؤمنون ، وختمت السورة بتطمين المؤمنين إلى أن يوم القيامة سينصفهم ، فيكونون في النعيم ، من الكفار يضحكون ، على الأرائك ينظرون ، فيثّوب الكفار ما كانوا يفعلون .

1 - هلاك للمطففين . الذين إذا أخذوا لأنفسهم الكيل من الناس يأخذونه وافيا زائدا ، وإذا كالوا للناس أو وزنوا لهم ينقصونهم حقهم الواجب لهم اعتداء عليهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المطففين

وآياتها ست وثلاثون

{ ويل للمطففين } يعني الذين ينقصون المكيال والميزان ويبخسون حقوق الناس . قال الزجاج : إنما قيل للذي ينقص المكيال والميزان : مطفف ، لأنه لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف .

أخبرنا أبو بكر يعقوب بن أحمد بن محمد بن علي الصيرفي ، حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي ، أنبأنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ ، حدثنا عبد الرحمن بن بشر ، حدثنا علي بن الحسين بن واقد ، حدثني أبي ، حدثني يزيد النحوي أن عكرمة حدثه عن ابن عباس قال : " لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً ، فأنزل الله عز وجل : { ويل للمطففين } فأحسنوا الكيل " . وقال السدي : " قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وبها رجل يقال له : أبو جهينة ، ومعه صاعان ، يكيل بأحدهما ، ويكتال بالآخر ، فأنزل الله هذه الآية " . فالله تعالى جعل الويل للمطففين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة المطففين وهي مكية

{ 1 - 6 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }

{ وَيْلٌ } كلمة عذاب ، ووعيد{[1373]} { لِلْمُطَفِّفِينَ }


[1373]:- في ب: وعقاب.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة المطففين

وهي مدنية .

قال النسائي وابن ماجة : أخبرنا محمد بن عقيل - زاد ابن ماجة : وعبد الرحمن بن بشر - قالا حدثنا علي بن الحسين بن واقد ، حدثني أبي ، عن يزيد - هو ابن أبي سعيد النحوي ، مولى قريش - عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله : { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ } فحسنَّوا الكيلَ بعد ذلك{[29826]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا جعفر بن النضر بن حماد ، حدثنا محمد بن عبيد ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مُرّة ، عن عبد الله بن الحارث ، عن هلال بن طلق قال : بينا أنا أسير مع ابن عمر فقلت : من أحسن الناس هيئةً وأوفاه كيلا ؟ أهل مكة أو المدينة ؟ قال : حق لهم ، أما سمعت الله يقول : { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ }

وقال ابن جرير : حدثنا أبو السائب ، حدثنا ابن فضيل ، عن ضرار ، عن عبد الله المكتب ، عن رجل ، عن عبد الله قال : قال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، إن أهل المدينة ليوفون الكيل . قال : وما يمنعهم أن يوفوا الكيل وقد قال الله عز وجل : { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ } حتى بلغ : { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } {[29827]} .

فالمراد بالتطفيف هاهنا : البَخْس في المكيال والميزان ، إما بالازدياد إن اقتضى من الناس ، وإما بالنقصان إن قَضَاهم ؛ ولهذا فسر تعالى المطففين الذين وعدهم بالخَسَار والهَلاك وهو الويل ، بقوله : { الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ }


[29826]:- (1) سنن النسائي الكبرى برقم (11654) وسنن ابن ماجة برقم (2223).
[29827]:- (2) تفسير الطبري (30/58).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ * الّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنّ أُوْلََئِكَ أَنّهُمْ مّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبّ الْعَالَمِينَ } .

يقول تعالى ذكره : الوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم في أسفلها للذين يُطَفّفون ، يعني : للذين ينقصون الناس ، ويَبْخَسونهم حقوقهم في مكاييلهم إذا كالوهم ، أو موازينهم إذا وزنوا لهم عن الواجب لهم من الوفاء وأصل ذلك من الشيء الطفيف ، وهو القليل النّزْر ، والمطفّف : المقلّل حقّ صاحب الحقّ عما له من الوفاء والتمام في كيل أو وزن ومنه قيل للقوم الذين يكونون سواء في حسبة أو عدد : هم سواء كطَفّ الصاع ، يعني بذلك : كقرب الممتلىء منه ناقص عن الملء . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ضِرار ، عن عبد الله ، قال : قال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، إن أهل المدينة لَيوفون الكيل ، قال : وما يمنعهم من أن يوفوا الكيل ، وقد قال الله : وَيْلٌ للْمُطَفّفِينَ حتى بلغ : يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبّ الْعالَمِينَ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين بن واقد ، عن يزيد ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، قال : لما قَدم النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً ، فأنزل الله : وَيْلٌ لِلْمُطَفّفِينَ فأحسنوا الكيل .

حدثني محمد بن خالد بن خداش ، قال : حدثنا سلم بن قتيبة ، عن قسام الصيرفي ، عن عكرِمة قال : أشهد أن كلّ كيال ووزّان في النار ، فقيل له في ذلك ، فقال : إنه ليس منهم أحد يزن كما يتزن ، ولا يكيل كما يكتال ، وقد قال الله : وَيْلٌ لِلْمُطَفّفِينَ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم سورة المطففين وهي مكية في قول جماعة من المفسرين واحتجوا لذكر الأساطير وهذا على أن تطفيف الكيل والوزن كان بمكة حسبما هو في كل أمة لا سيما مع كفرهم . وقال ابن عباس والسدي والنقاش وغيره :السورة مدنية قال السدي : كان بالمدينة رجل يكنى أبا جهينة له مكيالان يأخذ بالأوفى ويعطي بالأنقص فنزلت السورة فيه يقال إنها أول سورة نزلت بالمدينة وقال ابن عباس أيضا فيما روي عنه نزل بعضها بمكة ونزل أمر التطفيف بالمدينة لأنهم كانوا أشد الناس فسادا في هذا المعنى فأصلحهم الله تعالى بهذه السورة وقال آخرون نزلت السورة بين مكة والمدينة وذلك ليصلح الله تعالى أمرهم قبل ورود رسوله عليهم قال القاضي أبو محمد وامر الكيل والوزن وكيد جدا وتصرفه في المدن ضروري في الأموال التي هي حرام بغير حق والفساد فيه كبير لا تنفع فيما وقع منه التوبة ولا يخلص إلا رد المظلمة إلى صاحبها وقال مالك بن دينار احتضر جار لي فجعل يقول جبلان من نار فقلت له ما هذا فقال لي يا أخي كان لي مكيالان آخذا بالوافي وأعطي بالناقص وقال عكرمة أشهد على كل كيال أو وزان انه في النار وقال بعض العرب لا تلتمسوا المروءة ممن مروءته في رؤوس المكاييل وألسنة الموازين

{ ويل } معناه : الثبور والحزن والشقاء الأدوم ، وقد روي عن ابن مسعود وغيره أن وادياً في جهنم يسمى «ويلاً » ورفع { ويل } على الابتداء ، ورفع على معنى ثبت لهم واستقر وما كان في حيز الدعاء والترقب فهو منصوب نحو قولهم : رعياً وسقياً ، و «المطفف » : الذي ينقص الناس حقوقهم ، والتطفيف : النقصان أصله في الشيء الطفيف وهو النزر ، والمطفف إنما يأخذ بالميزان شيئاً طفيفاً ، وقال سلمان : الصلاة مكيال ، فمن أوفى وفي له ، ومن طفف فقد علمتم ما قال الله في المطففين ، وقال بعض العلماء : يدخل التطفيف في كل قول وعمل ، ومنه قول عمر طففت ، ومعناه : نقصت الأجر والعمل وكذا قال مالك رحمه الله : يقال لكل شيء وفاء وتطفيف فقد جاء بالنقيضين ، وقد ذهب بعض الناس إلى أن التطفيف هو تجاوز الحد في وفاء ونقصان ، والمعنى والقرائن بحسب قول قول تبين المراد وهذا عند جد صحيح