محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ} (1)

مقدمة السورة:

83- سورة المطففين

قال المهايمي سميت به دلالة على أن من أخل بأدنى حقوق الخلق استحق أعظم ويل من الحق . فكيف من أخل بأعظم حقوق الحق من الإيمان به وبآياته ورسله ؟ وهي مكية على الأظهر فإن سياقها يؤيد أنها كأخواتها اللائي نزلن بمكة لا سيما خاتمتها فإنها صفات المستهزئين الذين كانوا بمكة وحملها على المنافقين بالمدينة بعيد إذ لم يبلغ بهم الحال ذلك ، وأما ما رواه النسائي وابن ماجة{[1]} كما في ابن كثير عن ابن عباس لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله { ويل للمطففين } فأحسنوا الكيل " فقد ذكرنا مرارا أن معنى الإنزال في إطلاق السلف لا يكون مقصورا أن كذا سبب النزول بل إن كذا مما نزل فيه ذلك ، كأن أهل المدينة تلي عليهم ما سبق إنزاله في مكة ، وقيل لهم أنزل الله حظر ما أنتم عليه والوعيد فيه فأقلعوا وهذا ظاهر لمن له أنس بعلم الآثار وملكة فيه ومنه يعلم أن قول بعضهم نزلت بمكة إلا قصة التطفيف وقول آخر إن كل نوع من المكي والمدني منه آيات مستثناة منشؤه الحيرة في المطابقة بين ظاهر ما يتبادر من المأثور في سبب النزول وبين ما يدل عليه السياق من خلافه وبالوقوف على عرف السلف يزول الإشكال ويتضح الحال .

{ ويل للمطففين } أي هلاك لهم قال الأصفهاني ومن قال { ويل } واد في جهنم فإنه لم يرد أن ( ويلا ) في اللغة هو موضوع لهذا وإنما أراد : من قال الله تعالى ذلك فيه فقد استحق مقرا من النار .


[1]:(4 النساء 15 و 16).