المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{الٓمٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِۗ وَٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ} (1)

مقدمة السورة:

( سورة الرعد ) سورة مكية وسميت ( الرعد ) لما اشتملت عليه من تقديس الرعد لله تعالي . وعدد آياتها ثلاث وأربعون آية ، وقد ابتدأت ببيان منزلة القرآن الكريم ، وأنه بوحي من الله ، ثم بينت سلطان الله تعالي في الكون ونبهت إلي ما فيه من إبداع ومنافع ، ثم انتقلت من بيان قدرة الله تعالي في الإنشاء إلي قدرته علي الإعادة والبعث ، وعلي الله تعالي بكل شيء ، وإلي بيان قدرته علي العقاب في الدنيا ، وعليه يقاس العقاب في الآخرة . ثم وجهت الأنظار إلي ما في الكون من عجائب تبهر ، وبعد ذلك بين الله تعالي أحوال الناس في تلقيهم للهدى القرآني ، ثم ذكر أوصاف المؤمنين في علاقتهم بالإنسانية ، وأخلاق الكافرين وتعنتهم في طلب معجزات غير القرآن مع عظم منزلته ، وعظم استهزائهم برسولهم ، وبين للرسول أنه قد استهزئ برسل من قبله ، وأن الله تعالي قائم علي الأشياء والنفوس ، وأنه مجاز كلا بما يستحق ، وأن القرآن هو المعجزة الكبرى الباقية إلي يوم القيامة ، وأن الله تعالي هو الذي يؤيد رسله بما يراه من معجزات وإذا كان المشركون ينكرون رسالة النبي فالله يشهد بصدقها وحسبه ذلك وكفي .

1- ألف . لام . ميم . راء . هذه حروف صوتية تبدأ بها بعض سور القرآن ، وهي تشير إلي أنه معجز مع أنه مكون من الحروف التي تتكون منها كلمات العرب ، وهذه الحروف الصوتية كانت تجذب العرب ، لسماع القرآن . ذلك أن المشركين تواصوا فيما بينهم ألا يسمعوا هذا القرآن ، فكان المؤمنون إذا ابتدأوا بهذه الحروف الصوتية استرعى ذلك أسماع المشركين فيسمعون .

إن تلك الآيات العظيمة هي هذا القرآن ، الكتاب العظيم الشأن الذي نزل عليك - أيها النبي - بالحق والصدق من الله الذي خلقك واصطفاك ، ولكن أكثر المشركين الذين كفروا بما جاء به من الحق ليس من شأنهم أن يذعنوا للحق ، بل هم يعاندون فيه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{الٓمٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِۗ وَٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ} (1)

مقدمة السورة:

مكية إلا قوله : { ولا يزال الذين كفروا } ، وقوله : { ويقول الذين كفروا لست مرسلاً } ، وهي ثلاث وأربعون آية .

{ المر } قال ابن عباس : معناه : أنا الله أعلم وأرى ، { تلك آيات الكتاب } ، يعني : تلك الأخبار التي قصصتها عليك آيات التوراة والإنجيل والكتب المتقدمة ، { والذي أنزل إليك } ، يعني : وهذا القرآن الذي أنزل إليك ، { من ربك الحق } ، أي : هو الحق فاعتصم به . فيكون محل " الذي " رفعا على الابتداء ، و " الحق " خبره . وقيل : محله خفض ، يعني : تلك آيات الكتاب وآيات الذي أنزل إليك ، ثم ابتدأ : " الحق " ، يعني : ذلك الحق . وقال ابن عباس : أراد بالكتاب القرآن ، ومعناه : هذه آيات الكتاب ، يعني القرآن ، ثم قال : وهذا القرآن الذي أنزل إليك من ربك هو الحق . { ولكن أكثر الناس لا يؤمنون } ، قال مقاتل : نزلت في مشركي مكة حين قالوا : إن محمدا يقوله من تلقاء نفسه ، فرد قولهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{الٓمٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِۗ وَٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الرعد ، وهي مدنية ، وقيل : مكية

{ 1 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ }

يخبر تعالى أن هذا القرآن هو آيات الكتاب الدالة على كل ما يحتاج إليه العباد من أصول الدين وفروعه ، وأن الذي أنزل إلى الرسول من ربه هو الحق المبين ، لأن أخباره صدق ، وأوامره ونواهيه عدل ، مؤيدة بالأدلة والبراهين القاطعة ، فمن أقبل عليه وعلى علمه ، كان من أهل العلم بالحق ، الذي يوجب لهم علمهم العمل بما أحب الله .

{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ } بهذا القرآن ، إما جهلا وإعراضا عنه وعدم اهتمام به ، وإما عنادا وظلما ، فلذلك أكثر الناس غير منتفعين به ، لعدم السبب الموجب للانتفاع .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{الٓمٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِۗ وَٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ} (1)

مقدمة السورة:

[ وهي مكية ]{[1]}

أما الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور ، فقد تقدم{[15407]} في أول سورة البقرة ، وقَدَّمنا أن كل سورة تبتدئ بهذه الحروف ففيها الانتصار للقرآن ، وتبيان أن نزوله{[15408]} من عند الله حق لا شك فيه ولا مرية ولا ريب ؛ ولهذا قال : { تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ } أي : هذه آيات الكتاب ، وهو القرآن ، وقيل : التوارة والإنجيل . قاله مجاهد وقتادة ، وفيه نظر{[15409]} بل هو بعيد .

ثم عطف على ذلك عطف صفات قوله : { وَالَّذِي أُنزلَ إِلَيْكَ } أي : يا محمد ، { مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ } خبر تقدم مبتدؤه ، وهو قوله : { وَالَّذِي أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } هذا هو الصحيح المطابق لتفسير مجاهد وقتادة . واختار ابن جرير أن تكون الواو زائدة أو عاطفة صفة{[15410]} على صفة كما قدمنا ، واستشهد بقول الشاعر :

إلى المَلك القَرْمِ وابن الهُمَام *** وَلَيث الكتيبة في المُزْدَحَمْ{[15411]} وقوله : { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ } كقوله : { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [ يوسف : 103 ] أي : مع هذا البيان والجلاء والوضوح ، لا يؤمن أكثرهم لما فيهم من الشقاق والعناد والنفاق .


[1]:زيادة من أ.
[15407]:- في أ : "تقدم الكلام عليها".
[15408]:- في ت ، أ : "أنه نزل".
[15409]:- في ت ، أ : "وفيه تطويل".
[15410]:- في ت ، أ : "لصفة".
[15411]:- البيت في تفسير الطبري (16/321).