قوله تعالى : { أفنضرب عنكم الذكر صفحاً } يقال : ضربت عنه وأضربت عنه إذا تركته وأمسكت عنه ، والصفح مصدر قولهم صفحت عنه إذا أعرضت عنه ، وذلك حين توليه صفحة وجهك وعنقك ، والمراد بالذكر القرآن . ومعناه : أفنترك عنكم الوحي ونمسك عن إنزال القرآن فلا نأمركم ولا ننهاكم من أجل أنكم أسرفتم في كفركم وتركتم الإيمان ؟ استفهام بمعنى الإنكار ، أي : لا نفعل ذلك ، وهذا قول قتادة وجماعة . قال قتادة : والله لو كان هذا القرآن رفع حين رده أوائل هذه الأمة لهلكوا ، ولكن الله عاد عليهم بعائدته ورحمته ، فكرره عليهم عشرين سنة أو ما شاء الله . وقيل : معناه : أفنضرب عنكم بذكرها إياكم صافحين معرضين . قال الكسائي ، والسدي : فنطوي عنكم الذكر طياً فلا تدعون ولا توعظون . وقال الكلبي : أفنترككم سدىً لا نأمركم ولا ننهاكم . وقال مجاهد والسدي : أفنعرض عنكم ونترككم فلا نعاقبكم على كفركم . { أن كنتم قوما مسرفين } قرأ أهل المدينة وحمزة والكسائي بكسر الهمزة ، على معنى : إذ كنتم ، كقوله :{ وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين } ( آل عمران-139 ) ، وقرأ الآخرون بالفتح ، على معنى : لأن كنتم قوماً مسرفين مشركين .
ثم أخبر تعالى أن حكمته وفضله يقتضي أن لا يترك عباده هملا ، لا يرسل إليهم رسولا ، ولا ينزل عليهم كتابا ، ولو كانوا مسرفين ظالمين فقال :
{ أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا } أي : أفنعرض عنكم ، ونترك إنزال الذكر إليكم ، ونضرب عنكم صفحا ، لأجل إعراضكم ، وعدم انقيادكم له ؟ بل ننزل عليكم الكتاب ، ونوضح لكم فيه كل شيء ، فإن آمنتم به واهتديتم ، فهو من توفيقكم ، وإلا قامت عليكم الحجة ، وكنتم على بينة من أمركم .
وبعد هذا البيان المشرف للقرآن الكريم ، أتبع - سبحانه - ذلك بالكشف عن مدى الإِسراف القبيح الذى ارتكبه المشركون حين أعرضوا عنه فقال - تعالى - : { أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذكر صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ } .
والهمزة للاستفهام الإِنكارى ، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام ، والضرب هنا : بمعنى التنحى والابتعاد والإِهمال ، تقول : ضربت عن فلان صفحا ، إذا أعرضت عنه وتركته ، والصفح : مصدر صفحت عنه ، إذا أعرضت عنه ، وذلك بأن تعطيه صفحة وجهك أى : جانبه .
وهو منصوب لنضرب من غير لفظة ، كما فى قولهم : قعدت جلوسا . أو على الحال من الفاعل : على المصدرية أى : صافحين .
والمراد بالذكر هنا : القرآن الكريم .
والمعنى : أنعرض عنكم ونهملكم فلا نذكركم بالقرآن الكريم ، ولا نرشدكم إلى هداياته . بسبب إسرافكم على أنفسكم ، ومحاربتكم للحق ، وإيثاركم الغى على الرشد ؟ ! ! لا لن نفعل ذلك ، بل سننزل هذا القرآن على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن شاء بعد ذلك فليؤمن ، ومن شاء فليكفر .
قال الشوكانى : قوله : { أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ } قرأ نافع وحمزة والكسائى بكسر { أَن } على أنها شرطية ، والجزاء محذوف لدلالة ما قبله عليه . وقرأ الباقون بفتحها على التعليل ، أى : لأن كنتم قوما منهمكين فى الإِسراف مصرين عليه .
ومن ثم يعرّض بهم وبإسرافهم ، ويهددهم بالترك والإهمال جزاء هذا الإسراف :
( أفنضرب عنكم الذكر صفحاً أن كنتم قوماً مسرفين ? ) . .
ولقد كان عجيباً - وما يزال - أن يعنى الله سبحانه - في عظمته وفي علوه وفي غناه - بهذا الفريق من البشر ، فينزل لهم كتاباً بلسانهم ، يحدثهم بما في نفوسهم ، ويكشف لهم عن دخائل حياتهم ، ويبين لهم طريق الهدى ، ويقص عليهم قصص الأولين ، ويذكرهم بسنة الله في الغابرين . . ثم هم بعد ذلك يهملون ويعرضون !
وإنه لتهديد مخيف أن يلوح لهم بعد ذلك بالإهمال من حسابه ورعايته ، جزاء إسرافهم القبيح !
وقوله : { أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ } اختلف المفسرون في معناها ، فقيل : معناها : أتحسبون أن نصفح عنكم فلا نعذبكم ولم تفعلوا ما أمرتم به ؟ قاله ابن عباس ، ومجاهد وأبو صالح ، والسدي ، واختاره ابن جرير . {[25988]}
وقال قتادة في قوله : { أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا } : والله لو أن هذا القرآن رفع حين ردته أوائل {[25989]} هذه الأمة لهلكوا ، ولكن الله عاد بعائدته ورحمته ، وكرره عليهم ودعاهم إليه عشرين سنة ، أو ما شاء الله من ذلك .
وقول قتادة لطيف المعنى جدا ، وحاصله أنه يقول في معناه : أنه تعالى من لطفه ورحمته بخلقه لا يترك دعاءهم إلى الخير والذكر{[25990]} الحكيم - وهو القرآن - وإن كانوا مسرفين معرضين عنه ، بل أمر{[25991]} به ليهتدي من قَدّر هدايته ، وتقوم الحجة على من كتب شقاوته .
القول في تأويل قوله تعالى : { أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مّسْرِفِينَ } .
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : أفنضرب عنكم ونترككم أيها المشركون فيما تحسبون ، فلا نذكركم بعقابنا من أجل أنكم قوم مشركون . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله عزّ وجلّ : أفَنَضْرِبُ عَنْكُمْ الذّكْرَ صَفْحا قال : تكذّبون بالقرآن ثم لا تعاقبون عليه .
حدثني محمد بن عمارة ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا سفيان ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ، قوله : أفَنَضْربُ عَنْكُمْ الذّكْرَ صَفْحا قال : بالعذاب .
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ أفَنَضْرِبُ عَنْكُمْ الذّكْرَ صفحا قال : أفنضرب عنكم العذاب .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : أفَنَضْربُ عَنْكُمُ الذّكْرَ صَفْحا أنْ كُنْتُمْ قَوْما مُسْرِفِينَ يقول : أحسبتم أن نصفح عنكم ولما تفعلوا ما أُمرتم به .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أفنترك تذكيركم بهذا القرآن ، ولا نذكركم به ، لأن كنتم قوما مسرفين . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة أفَنَضْرِبُ عَنْكُمْ الذّكْرَ صَفْحا أنْ كُنْتُمْ قَوْما مُسْرِفِينَ : أي مشركين ، والله لو كان هذا القرآن رفع حين ردّه أوائل هذه الأمة لهلكوا ، فدعاهم إليه عشرين سنة ، أو ما شاء الله من ذلك .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : أفَنَضْرِبُ عَنْكُمْ الذّكْرَ صَفْحا قال : لو أن هذه الأمة لم يؤمنوا لضرب عنهم الذكر صفحا ، قال : الذكر ما أنزل عليهم مما أمرهم الله به ونهاهم صفحا ، لا يذكر لكم منه شيئا .
وأولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من تأوّله : أفنضرب عنكم العذاب فنترككم ونعرض عنكم ، لأن كنتم قوما مسرفين لا تؤمنون بربكم .
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالاَية ، لأن الله تبارك وتعالى أتبع ذلك خبره عن الأمم السالفة قبل الأمم التي توعدها بهذه الاَية في تكذيبها رسلها ، وما أحلّ بها من نقمته ، ففي ذلك دليل على أن قوله : أفَنَضْرِبُ عَنْكُمْ الذّكْرَ صَفْحا وعيد منه للمخاطبين به من أهل الشرك ، إذ سلكوا في التكذيب بما جاءهم عن الله رسولهم مسلك الماضين قبلهم .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة «إنْ كُنْتُم » بكسر الألف من «إن » بمعنى : أفنضرب عنكم الذكر صفحا إذ كنتم قوما مسرفين . وقرأه بعض قرّاء أهل مكة والكوفة وعامة قرّاء البصرة «أن » بفتح الألف من «أن » ، بمعنى : لأن كنتم .
واختلف أهل العربية في وجه فتح الألف من أن في هذا الموضع ، فقال بعض نحويي البصرة : فتحت لأن معنى الكلام : لأن كنتم . وقال بعض نحويي الكوفة : من فتحها فكأنه أراد شيئا ماضيا ، فقال : وأنت تقول في الكلام : أتيت أن حرمتني ، تريد : إذ حرمتني ، ويكسر إذا أردت : أتيت إن تحرمني . ومثله : لا يَجْرمَنّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أنْ صَدّوكُمْ وإنْ صَدّوكُمْ بكسر وبفتح .
فَلَعَلّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ على آثارِهِمْ إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أسَفا قال : والعرب تنشد قول الفرزدق :
أَتجْزَعُ أنْ أُذْنا قُتَيْبَةَ حُزّتا *** جِهارا ولَمْ تَجْزَعْ لقَتْلِ ابنِ حازِمِ
أتَجْزَعُ أنْ بانَ الخَلِيطُ المُوَدّعُ *** وَحَبْلُ الصّفا مِنْ عَزّةَ المُتَقَطّعُ
قال : وفي كل واحد من البيتين ما في صاحبه من الكسر والفتح .
والصواب من القول في ذلك عندنا : أن الكسر والفتح في الألف في هذا الموضع قراءتان مشهورتان في قَرَأة الأمصار صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، وذلك أن العرب إذا تقدم «أن » وهي بمعنى الجزاء فعل مستقبل كسروا ألفها أحيانا ، فمحضوا لها الجزاء ، فقالوا : أقوم إن قمت ، وفتحوها أحيانا ، وهم ينوون ذلك المعنى ، فقالوا : أقوم أن قمت بتأول ، لأن قمت ، فإذا كان الذي تقدمها من الفعل ماضيا لم يتكلّموا إلا بفتح الألف من «أن » فقالوا : قمتُ أن قمتَ ، وبذلك جاء التنزيل ، وتتابع شعر الشعراء .
وقوله : { أفنضرب } بمعنى : أفنترك ، تقول العرب أضربت عن كذا وضربت إذا أعرضت وتركته . و : { الذكر } هنا الدعاء إلى الله والتذكير بعذابه والتخويف من عقابه ، وقال أبو صالح : { الذكر } هنا هو العذاب نفسه ، وقال الضحاك ومجاهد : { الذكر } القرآن .
وقوله تعالى : { صفحاً } انتصابه كانتصاب { صنع الله }{[10180]} ، فيحتمل أن يكون بمعنى العفو والغفر للذنب ، فكأنه يقول : أفنترك تذكيركم وتخويفكم عفواً عنكم وغفراً لإجرامكم إذ كنتم أو من أجل أن كنتم قوماً مسرفين ، أي هذا لا يصلح ، وهذا قول ابن عباس ومجاهد ، ويحتمل قوله : { صفحاً } أن يكون بمعنى مغفولاً عنه ، أي نتركه يمر{[10181]} لا تؤخذون بقبوله ولا بتدبر ولا تنبهون عليه ، وهذا المعنى نظير قول الشاعر : [ الطويل ]
تمر الصبا صفحاً بساكن ذي الغضا . . . ويصدع قلبي إن يهب هبوبها{[10182]}
أي تمر مغفولاً عنها ، فكأن هذا المعنى : أفنترككم سدى ، وهذا هو منحى قتادة وغيره ، ومن اللفظة قول كثير : [ الطويل ]
صفوحاً فما تلقاك إلا بخيلة . . . فمن ملّ منها ذلك الوصل ملّت{[10183]}
وقرأ السميط بن عمرو السدوسي : «صُفحاً » بضم الصاد . وقرأ نافع وحمزة والكسائي : «إن كنتم » بكسر الألف ، وهو جزاء دل ما تقدم على جوابه . وقرأ الباقون والأعرج وقتادة : «أن كنتم »بفتح الألف . بمعنى من أجل أن كنتم{[10184]} ، وفي قراءة ابن مسعود : «إذ كنتم » . والإسراف في الآية : هو الكفر والضلال البعيد في عبادة غير الله عز وجل والتشريك به .
الفاء لتفريع الاستفهام الإنكاري على جملة { إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون } [ الزخرف : 3 ] ، أي أتحسبون أن إعراضكم عما نزل من هذا الكتاب يبعثنا على أن نقطع عنكم تجدد التذكير بإنزال شيء آخر من القرآن . فلما أريدت إعادة تذكيرهم وكانوا قد قدم إليهم من التذكير ما فيه هديهم لو تأملوا وتدبروا ، وكانت إعادة التذكير لهم موسومة في نظرهم بقلة الجدوى بيّن لهم أن استمرار إعراضهم لا يكون سبباً في قطع الإرشاد عنهم لأن الله رحيم بهم مريد لصلاحهم لا يصده إسرافهم في الإنكار عن زيادة التقدم إليهم بالمواعظ والهَدي .
والاستفهام إنكاري ، أي لا يجوز أن نضرب عنكم الذكر صفحاً من جراء إسرافكم .
والضرب حقيقته قرع جسم بآخر ، وله إطلاقات أشهرها : قرع البعير بعصا ، وهو هنا مستعار لمعنى القطع والصرف أخذاً من قولهم : ضَرَبَ الغرائبَ عن الحَوْضضِ ، أي أطردَها وصرفها لأنها ليست لأهل الماء ، فاستعاروا الضرب للصرف والطرد ، وقال طرفة :
أضْرِبَ عنك الهمومَ طارقَها *** ضَرْبَك بالسَّيْفِ قَوْنَس الفَرَس{[372]}
والذكر : التذكير ، والمراد به القرآن .
والصَّفح : الإعراض بِصَفْح الوجه وهو جانبُه وهو أشد الإعراض عن الكلام لأنه يجْمع تركَ استماعه وتركَ النظر إلى المتكلم .
وانتصب { صفحاً } على النيابة عن الظرف ، أي في مكان صَفْح ، كما يقال : ضَعْهُ جانباً ، ويجوز أن يكون { صفحاً } مصدر صَفَح عن كذا ، إذا أعرض ، فينتصب على المفعول المطلق لبيان نوع الضرب بمعنى الصرف والإعراض .
والإسراف : الإفراط والإكثار ، وأغلب إطلاقه على الإكثار من الفعل الضائر . ولذلك قيل « لا سرَف في الخير » والمقام دال على أنّهم أسرفوا في الإعراض عن القرآن .
وقرأ نافع وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف { إن كنتم } بكسر همزة { إنْ } فتكون { إنْ } شرطية ، ولما كان الغالب في استعمال { إِنْ } الشرطية أن تقع في الشرط الذي ليس متوَقعاً وقوعُه بخلاف ( إِذَا ) التي هي للشرط المتيقن وقوعه ، فالإتْيَان ب { إنْ } في قوله : { إنْ كنتم قوماً مسرفين } لقصد تنزيل المخاطبين المعلوم إسرافهم منزلة من يُشَك في إسرافه لأن توفر الأدلّة على صدق القرآن من شأنه أن يزيل إسرافهم وفي هذا ثقة بحقّيّة القرآن وضَرب من التوبيخ على إمعانهم في الإعراض عنه . وقرأه ابن كثير وابن عامر وعاصم وأبو عمرو ويعقوب بفتح الهمزة على جعل { أنْ } مصدرية وتقديرِ لام التعليل محذوفاً ، أي لأجل إسرافكُم ، أي لا نترك تذكيركم بسبب كونكم مسرفين بل لا نزال نعيد التذكير رحمة بكم .
وإقحام { قوماً } قبل { مسرفين } للدلالة على أن هذا الإسراف صار طبعاً لهم وبه قِوام قوميتهم ، كما قدمناه عند قوله تعالى : { لآياتتٍ لقوممٍ يعقلون } في سورة البقرة ( 164 ) .