مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّسۡرِفِينَ} (5)

{ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذكر } أفننحي عنكم الذكر ونذوده عنكم على سبيل المجاز من قولهم «ضرب الغرائب عن الحوض » . والفاء للعطف على محذوف تقديره أنهملكم فنضرب عنكم الذكر إنكاراً لأن يكون الأمر على خلاف ما قدم من إنزاله الكتاب ؟ وجعله قرآناً عربياً ليعقلوه وليعلموا بمواجبه { صَفْحاً } مصدر من صفح عنه إذا أعرض ، منتصب على أنه مفعول له على معنى أفنعزل عنكم إنزال القرآن وإلزام الحجة به إعراضاً عنكم . ويجوز أن يكون مصدراً على خلاف الصدر لأنه يقال «ضربت عنه » أي أعرضت عنه كذا قاله الفراء { إِن كُنتُمْ } لأن كنتم { إِن كُنتُمْ } مدني وحمزة . وهو من الشرط الذي يصدر عن المدل بصحة الأمر المتحقق لثبوته كما يقول الأجير : إن كنت عملت لك فوفني حقي وهو عالم بذلك { قَوْماً مُّسْرِفِينَ } مفرطين في الجهالة مجاوزين الحد في الضلالة .