فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّسۡرِفِينَ} (5)

{ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذكر صَفْحاً } يقال : ضربت عنه ، وأضربت عنه : إذا تركته وأمسكت عنه ، كذا قال الفراء والزجاج وغيرهما ، وانتصاب { صفحاً } على المصدرية ، وقيل : على الحال ، على معنى : أفنضرب عنكم الذكر صافحين ، والصفح مصدر قولهم : صفحت عنه إذا أعرضت عنه ، وذلك أنك توليه صفحة وجهك ، وعنقك ، والمراد بالذكر هنا : القرآن ، والاستفهام للإنكار ، والتوبيخ . قال الكسائي : المعنى : أفنضرب عنكم الذكر طياً فلا توعظون ولا تؤمرون . وقال مجاهد ، وأبو صالح ، والسدّي : أفنضرب عنكم العذاب ، ولا نعاقبكم على إسرافكم وكفركم . وقال قتادة : المعنى : أفنهلككم ولا نأمركم ولا ننهاكم ؟ وروي عنه : أنه قال : المعنى أفنمسك عن إنزال القرآن من قبل أنكم لا تؤمنون به ؟ وقيل الذكر : التذكير ، كأنه قال : أنترك تذكيركم { أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ } ، قرأ نافع وحمزة والكسائي : " إن كنتم " بكسر " إن " على أنها الشرطية ، والجزاء محذوف لدلالة ما قبله عليه . وقرأ الباقون بفتحها على التعليل ، أي لأن كنتم قوماً منهمكين في الإسراف مصرّين عليه ، واختار أبو عبيد قراءة الفتح .

/خ20