الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّسۡرِفِينَ} (5)

وقوله سبحانه : { أَفَنَضْرِبُ } بمعنى : أفنترك ؛ تقول العرب : أَضْرَبْتُ عن كذا وضَرَبْتُ : إذا أَعْرَضْتَ عنه وتركْتَهُ ، و{ الذكر } هو : الدعاء إلى اللَّه ، والتذكير بعذابِه ، والتخويف من عقابه ، وقال أبو صالح : ( الذِّكْرُ ) هنا أراد به العذاب نفسه ، وقال الضَّحَّاكُ ومجاهد : ( الذكر ) القرآن .

وقوله : { صَفْحاً } : يحتمل أَنْ يكون بمعنى العفو والغفر للذنوب ، فكأَنَّهُ يقول : أفنترك تذكيركم وتخويفكم عفواً عنكم ، وغفراً لإجرامكم ؛ من أجل { أنْ كنتم قوماً مسرفين } أي : هذا لا يصلح ؛ وهذا قول ابن عباس ومجاهد ويحتمل قوله : { صَفْحاً } أنْ يكون بمعنى مغفولاً عنه ، أي : نتركه يَمُرُّ لا تؤخذون بقبوله ولا بتدبُّره ، فكأَنَّ المعنى : أفنترككم سُدًى ، وهذا هو منحى قتادةَ وغيره ، وقرأ نافع وحمزة والكسائي : ( إنْ كُنْتُمْ ) بكسر الهمزة ، وهو جزاءً دَلَّ ما تقدَّمه على جوابه ، وقرأ الباقون بفتحها بمعنى : من أجل أَنْ ، والإسراف في الآية هو كُفْرُهُمْ .