المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلۡعَٰدِيَٰتِ ضَبۡحٗا} (1)

مقدمة السورة:

أقسم الله تعالى في فاتحة هذه السورة بخيل الجهاد إن الإنسان لنعمة ربه لشديد الكفران ، وإنه على ذلك في الآخرة لشهيد على نفسه بما كان منه ، وإنه لحبه المال لبخيل به حريص عليه ، وذكر في خاتمتها بالبعث ونبه إلى الحساب والجزاء .

1- أقسم بخيل الجهاد المسرعات ، يسمع لأنفاسها صوت هو : الضبح .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلۡعَٰدِيَٰتِ ضَبۡحٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة العاديات

مكية ، وآياتها إحدى عشرة .

{ والعاديات ضبحاً } قال ابن عباس ، وعطاء ومجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، والكلبي ، وقتادة ، ومقاتل ، وأبو العالية وغيرهم : هي الخيل العادية في سبيل الله تضبح ، والضبح : صوت أجوافها إذا عدت . قال ابن عباس : وليس شيء من الحيوانات تضبح غير الفرس والكلب والثعلب ، وإنما تضبح هذه الحيوانات إذا تغير حالها من تعب أو فزع ، وهو من قول العرب : ضبحته النار ، إذا غيرت لونه . وقوله : { ضبحاً } نصب على المصدر ، مجازه : والعاديات تضبح ضبحاً . وقال علي : هي الإبل في الحج ، تعدو من عرفة إلى المزدلفة ، ومن المزدلفة إلى منىً ، وقال : كانت أول غزوة في الإسلام بدراً ، وما كان معنا إلا فرسان : فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود ، فكيف تكون الخيل العاديات ؟ وإلى هذا ذهب ابن مسعود ، ومحمد بن كعب ، والسدي . وقال بعض من قال : هي الإبل ، قوله { ضبحاً } يعني ضباحاً ، تمد أعناقها في السير .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلۡعَٰدِيَٰتِ ضَبۡحٗا} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة العاديات

مقدمة وتمهيد

1- سورة " العاديات " وتسمى –أيضا- سورة " والعاديات " بإثبات الواو ، يرى بعضهم أنها من السور المكية ، ولم يذكر في ذلك خلافا الإمام ابن كثير ، ويرى بعضهم أنها مدنية .

قال الآلوسي : مكية في قول ابن مسعود وجابر والحسن وعكرمة وعطاء . ومدنية في قول أنس وقتادة وإحدى الروايتين عن ابن عباس . فقد أخرج عنه البزار ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والدارقطني ، وابن مردويه أنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا ، فاستمرت شهرا لا يأتيه منها خير ، فنزلت هذه السورة . . . ( {[1]} ) .

وهذه الرواية التي ساقها الآلوسي وغيره في سبب نزول هذه السورة ، ترجح أنها مدنية ، وإن كان كثير من المفسرين يرى أنها مكية ، والعلم عند الله –تعالى- .

وعدد آياتها إحدى عشرة آية ، ومن أهم أغراضها ومقاصدها التنويه بشأن الجهاد والمجاهدين ، وبفضل الخيل التي تربط من أجل إعلاء كلمة الله –تعالى- ، وبيان ما جبل عليه الإنسان من حرص على منافع الدنيا . وتحريض الناس على أن يتزودوا بالعمل الصالح الذي ينفعهم يوم الحساب .

العاديات : جمع عادية ، اسم فاعل من العدو ، وهو المشى السريع ، وأصل الياء فى العاديات واو ، فلما وقعت متطرفة بعد كسرة قلبت ياء ، مثل الغازيات من الغزو .

والضَّبْح : اضطراب النَّفَسِ المتردد فى الحنجرة دون أن يخرج من الفم ، والمراد به هنا : صوت أنفاس الخيل عند جريها بسرعة . وقيل : الضبح نوع من السير والعدو ، يقال : ضَبَحَتْ الخيل ، إذا عدَتْ بشدة . وهو مصدر منصوب بفعله المقدر ، أى : يضبحن ضبحا ، والجملة حال من " العاديات " .


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلۡعَٰدِيَٰتِ ضَبۡحٗا} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة العاديات

وهي مكية .

يقسم تعالى بالخيل إذا أجريت في سبيله فَعَدت وضَبَحت ، وهو : الصوت الذي يسمع من الفرس حين تعدو .

/خ5

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلۡعَٰدِيَٰتِ ضَبۡحٗا} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية في قول جماعة من أهل العلم ، وقال المهدوي عن أنس بن مالك : هي مدنية{[1]} .

اختلف الناس في المراد : ب { العاديات } ، فقال ابن عباس وقتادة ومجاهد وعكرمة : أراد الخيل ؛ لأنها تعدو بالفرسان وتصيح بأصواتها ، قال بعضهم : وسببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خيلاً إلى بني كنانة سرية فأبطأ أمرها عليه حتى أرجف بهم بعض المنافقين ، فنزلت الآية معلمة أن خيله عليه السلام قد فعلت جميع ما في الآية ، وقال آخرون : القسم هو بالخيل جملة ؛ لأنها تعدو ضابحة قديماً وحديثاً ، وهي حاصرة البلاد وهادمة الممالك ، وفي نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وقال علي بن أبي طالب وابن مسعود وإبراهيم وعبيد بن عمير : { العاديات } في هذه الآية : الإبل ؛ لأنها تضبح في عدوها . قال علي : والقسم بالإبل العاديات من عرفة ومن مزدلفة إذا وقع الحاج ، وبإبل غزوة بدر ، فإنه لم يكن في الغزوة غير فرسين : فرس المقداد وفرس الزبير بن العوام . والضبح : تصويت جهير عند العدو الشديد ليس بصهيل ولا رغاء ولا نباح ؛ بل هو غير المعتاد من صوت الحيوان الذي يضبح . وحكي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : ليس يضبح من الحيوان غير الخيل والكلاب ، وهذا عندي لا يصح عن ابن عباس رضي الله عنه{[11946]} ، وذلك أن الإبل تضبح والأسود من الحيات والبوم والصدى{[11947]} والأرنب والثعلب والقوس ، هذه كلها قد استعملت لها العرب الضبح ، وأنشد أبو حنيفة في صفة قوس : [ الرجز ]

حنانة من نشم أو تالب . . . تضبح في الكف ضباح الثعلب{[11948]}

والظاهر في الآية ، أن القسم بالخيل أو بالإبل أو بهما .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[11946]:روى ابن جرير الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: بينما أنا في الحجر جالس أتاني رجل يسأل عن (العاديات ضبحا) فقلت له: الخيل حين تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل، فيصنعون طعامهم، ويورون نارهم، فانفتل عني، فذهب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو تحت سقاية زمزم، فسأله عن (العاديات ضبحا) فقال: سألت عنها أحدا قبلي؟ قال: نعم، سألت عنها ابن عباس فقال: الخيل حين تغير في سبيل الله، قال: اذهب فادعه إلي، فلما وقفت على رأسه قال: تفتي الناس بما لا علم لك به؟ والله لكانت أول غزوة في الإسلام لبدر، وما كان معنا إلا فرسان: فرس للزبير وفرس للمقداد، فكيف تكون العاديات ضبحا؟ إنما العاديات ضبحا من عرفة إلى مزدلفة إلى منى، قال ابن عباس: فنزعت عن قولي، ورجعت إلى الذي قال علي رضي الله عنه.
[11947]:الصدى: الذكر من البوم، وقيل: هو طائر خرافي زعموا أنه يخرج من رأس المقتول، ولا يزال يقول: اسقوني حتى يؤخذ بثأره.
[11948]:حنانة: لها صوت وهذه صفة تغلب على القوس حتى قال أبو حنيفة: إنه اسم لها علم عليها. والنشم: شجر كانت تتخذ منه القسي، والواحدة نشمة، وكذلك التألب شجر تصنع منه القسي. وتضبح: تصوت،, هذا هو الشاهد.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلۡعَٰدِيَٰتِ ضَبۡحٗا} (1)

مقدمة السورة:

سميت في المصاحف القيروانية العتيقة والتونسية والمشرقية { سورة العاديات } بدون واو ، وكذلك في بعض التفاسير فهي تسمية لما ذكر فيها دون حكاية لفظه . وسميت في بعض كتب التفسير { سورة والعاديات } بإثبات الواو .

واختلف فيها فقال ابن مسعود وجابر بن زيد وعطاء والحسن وعكرمة : هي مكية . وقال أنس بن مالك وابن عباس وقتادة : هي مدنية .

وعدت الرابعة عشرة في ترتيب نزول السور عند جابر بن زيد على أنها مكية نزلت بعد سورة العصر وقبل سورة الكوثر .

وآيها إحدى عشرة .

ذكر الواحدي في أسباب النزول عن مقاتل وعن غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خيلا سرية إلى بني كنانة وأمر عليها المنذر بن عمرو انصاري فأسهبت أي أمعنت في سهب وهي الأرض الواسعة شهرا وتأخر خيرهم فارجف المنافقون وقالوا : قتلوا جميعا ، فأخبر الله عنهم بقوله { والعاديات ضبحا } الآيات ، إعلاما بأن خيلهم قد فعلت جميع ما في تلك الآيات .

وهذا الحديث قال في الإتقان رواه الحاكم وغيره . وقال أبن كثير : روى أبو بكر البزاز هنا حديثا غريبا جدا وساق الحديث قريبا مما للواحدي .

وأقول غرابة الحديث لا تناكد قبوله وهو مروي عن ثقات إلا أن في سنده حفص بن جميع وهو ضعيف . فالراجع أن السورة مدنية .

أغراضها

ذم خصال تفضي بأصحابها إلى الخسران في الآخرة ، وهي خصال غالية على المشركين والمنافقين ، ويراد تحذير المسلمين منها .

ووعظ الناس بأن وراءهم حسابا على أعمالهم بعد الموت ليتذكره المؤمن ويهدد به الجاحد . وأكد ذلك كله بأن افتتح بالقسم ، وأدمج في القسم التنويه بخيل الغزاة أو رواحل الحجيج .

أقسم الله ب { العاديات } جمع العادية ، وهو اسم فاعل من العَدْو وهو السيْر السريع يطلق على سير الخيل والإِبل خاصة .

وقد يوصف به سير الإِنسان وأحسب أنه على التشبيه بالخيل ومنه عَدَّاؤو العرب ، وهم أربعة : السُّلَيْك بن السُّلَكَة ، والشَّنْفَرى ، وتَأَبَّطَ شَرّاً ، وعَمْرو بن أمية الضّمْري . يضرب بهم المثل في العَدْو .

وتأنيث هذا الوصف هنا لأنه من صفات ما لا يعقل .

والضَّبح : اضطراب النفَس المتردد في الحنجرة دون أن يخرج من الفم وهو من أصوات الخيل والسباع . وعن عطاء : سمعت ابن عباس يصف الضبح أحْ أحْ .

وعن ابن عباس ليس شيء من الدواب يضبح غير الفرس والكلْب والثعلب ، وهذا قول أهل اللغة واقتصر عليه في « القاموس » . روى ابن جرير بسنده إلى ابن عباس قال : « بينما أنا جالس في الحِجْر جاءني رجل فسألني عن { العاديات ضبحاً } فقلت له : الخيل حين تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويُورون نارهم ، فانفتل عني فذهب إلى علي بن أبي طالب وهو تحت سِقاية زمزم فسأله عنها ، فقال : سألتَ عنها أحداً قبلي ؟ قال : نعم ، سألتُ ابن عباس فقال : الخيلُ تغزو في سبيل الله ، قال : اذهب فادعُه لي ، فلما وقفتُ عند رأسه . قال : تُفتي الناس بما لا علم لك به واللَّهِ لَكانتْ أول غزوة في الإِسلام لبدر وما كان معَنا إلا فَرسَان فرسٌ للزبير وفرس للمِقداد فكيف تكون العادياتتِ ضَبحا ، إنما العاديات ضَبحا الإِبل من عَرفة إلى المزدلفة ومن المزدلفة إلى منى ( يعني بذلك أن السورة مكية قبل ابتداء الغزو الذي أوله غزوة بدر ) قال ابن عباس : فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي » .

وليس في قول علي رضي الله عنه تصريح بأنها مكية ولا مدنية وبمثل ما قال علي قَال ابن مسعود وإبراهيمُ ومجاهد وعُبيد بن عمير .

والضبح لا يطلق على صوت الإِبل في قول أهل اللغة . فإذا حمل { العاديات } على أنها الإِبل ، فقال المبرد وبعض أهل اللغة : من جعلها للإِبل جعل { ضبحا } بمعنى ضَبعا ، يقال : ضبحت الناقة في سيرها وضبَعت ، إذا مدت ضبعيها في السير . وقال أبو عبيدة : ضبحت الخيل وضبعت ، إذا عَدَت وهو أن يمد الفرس ضبعيه إذا عدا ، أي فالضبح لغة في الضبع وهو من قلب العين حاء . قال في « الكشاف » : « وليس بثبت » . ولكن صاحب « القاموس » اعتمده . وعلى تفسير { العاديات } بأنها الإِبل يكون الضبح استعير لصوت الإِبل ، أي من شدة العدو قويت الأصوات المتردّدة في حناجرها حتى أشبهت ضبح الخيل أو أريد بالضبح الضبع على لغة الإِبدال .

وانتصب { ضبحاً } فيجوز أن يجعل حالاً من { العاديات } إذا أريد به الصوت الذي يتردد في جوفها حين العدو ، أو يجعل مبيناً لنوع العدو إذا كان أصله : ضبحا .

وعلى وجه أن المقسم به رواحل الحج فالقَسم بها لتعظيمها بما تُعين به على مناسك الحج . واختير القسم بها لأن السامعين يوقنون أن ما يقسم عليه بها محقق ، فهي معظمة عند الجميع من المشركين والمسلمين .