79- ما يصيبك - أيها النبي - من رخاء ونعمة وعافية وسلامة فمن فضل اللَّه عليك ، يتفضل به إحسانا منه إليك ، وما أصابك من شدة ومشقة وأذى ومكروه فمن نفسك بسبب تقصير أو ذنب ارتكبته . والخطاب للنبي لتصوير النفس البشرية وإن لم يقع منه ما يستوجب السيئة ، وأرسلناك رسولاً من عندنا للناس جميعاً ، واللَّه شهيد على تبليغك وعلى إجابتهم ، وكفي به عليماً .
ثم قال تعالى - مخاطبًا - للرسول [ صلى الله عليه وسلم ]{[7921]} والمراد جنس الإنسان ليحصل الجواب : { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ } أي : من فضل الله ومنه ولطفه ورحمته { وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } أي : فمن قبلك ، ومن عملك أنت كما قال تعالى : { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } [ الشورى : 30 ] .
قال السدي ، والحسن البصري ، وابن جُريج ، وابن زيد : { فَمِنْ نَفْسِكَ } أي : بذنبك .
وقال قتادة : { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } عقوبة يا ابن آدم بذنبك . قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا يصيب رجلا خَدْش عود ، ولا عثرة قدم ، ولا اختلاج عِرْق ، إلا بذنب ، وما يعفو الله أكثر " .
وهذا الذي أرسله قتادة قد روي متصلا في الصحيح : " والذي نفسي بيده ، لا يصيب المؤمن هَمٌّ ولا حَزَنٌ ، ولا نَصَبٌ ، حتى الشوكة يشاكها إلا كَفَّر الله عنه بها من خطاياه " . {[7922]}
وقال أبو صالح : { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } أي : بذنبك ، وأنا الذي قدرتها عليك . رواه ابن جرير .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عمار ، حدثنا سهل - يعني ابن بَكَّار - حدثنا الأسود بن شيبان ، حدثني عقبة بن واصل بن أخي مُطَرِّف ، عن مُطَرِّف بن عبد الله قال : ما تريدون من القدر ، أما تكفيكم الآية التي في سورة النساء : { وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وِإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ } أي : من نفسك ، والله ما وُكِلُوا إلى القدر وقد أُمِروا وإليه يصيرون .
وهذا كلام متين قوي في الرد على القدرية والجبرية أيضا ، ولبسطه موضع آخر .
وقوله تعالى : { وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولا } أي : تبلغهم شرائع الله ، وما يحبه ويرضاه ، وما يكرهه ويأباه .
{ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا } أي : على أنه أرسلك ، وهو شهيد أيضا بينك وبينهم ، وعالم بما تبلغهم إياه ، وبما يردون عليك من الحق كفرا وعنادًا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.