قوله : ( مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ . . . ) الآية [ 79 ] .
قال الأخفش : ( مَّا ) بمعنى الذي( {[12933]} ) .
وقيل : ( مَّا ) للشرط( {[12934]} ) .
والمعنى : ما أصابك يا محمد من خصب ورخاء وصحة وسلامة ، فبفضل( {[12935]} ) الله عليك وإحسانه ، وما أصابك من جدب وشدة وسقم وألم ، فبذنب أتيته عوقبت به ، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد أمته ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ما يصيب الرجل من خدش من عود ولا غيره إلا بذنب ، وما يغفر الله عز وجل أكثر " ( {[12936]} ) .
وقال ابن عباس : الحسنة هنا فتح بدر وغنيمتها ، والسيئة ما أصابه يوم أحد عوقبوا( {[12937]} ) عند خلاف الرماة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان ما عوقب به بذنوبهم التي اجترحوها ، فهو قوله ( فَمِن نَّفْسِكَ )( {[12938]} ) قال أبو زيد : " وقوله في آل عمران " : ( قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ( {[12939]} ) )( {[12940]} ) معناه بذنوبكم وهو بهذا( {[12941]} ) المعنى( {[12942]} ) .
وقرأ ابن عباس : فمن( {[12943]} ) نفسك وأنا( {[12944]} ) كتبتها عليك وكذلك هي قراءة عبد الله بن مسعود( {[12945]} ) .
وعن( {[12946]} ) ابن عباس أن الآية نزلت في قصة أحد تقول : ما فتحت عليك يا محمد من فتح فمني وما كانت( {[12947]} ) من نكبة فمن ذنبك وأنا قدرت( {[12948]} ) ذلك عليك( {[12949]} ) .
وقد ذكر النحاس : أن القول محذوف من الآية والتقدير ( لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً ) يقول ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة من نفسك [ أي : بشؤمك ] .
وذكر ابن الأنباري( {[12950]} ) قولاً ثالثاً : أن المعنى : ما أصابك الله به من حسنة فمنه ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ]( {[12951]} ) أي : بذنبك فالفعلان من الله عز وجل وهذا يرجع إلى القول الأول . وذكر فيه قولاً رابعاً : وهو أن يقدر ألف الاستفهام محذوفة والتقدير : وما أصابك من سيئة . أفمن نفسك ؟ كما قال : ( وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا ( عَلَيَّ( {[12952]} ) ) )( {[12953]} ) على معنى : وتلك( {[12954]} ) نعمة كما قال في قوله تعالى : ( فَلَمَّا رَءَا الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي )( {[12955]} ) أي : هذا( {[12956]} ) ربي لأنه لم يوجب أنه ربه وإنما قال هذا ربي على سبيل الاستخبار .
قال نفطوية( {[12957]} ) : أصل السيئة ما يسوؤك ، فالمعنى وما أصابك من أمر يسوؤك فهو بذنبك( {[12958]} ) وذلك أمر من الله .
وقال الضحاك عن ابن عباس : الحسنة هنا ما أصاب المسلمين من الظفر يوم بدر ، والسيئات ما نكبوا( {[12959]} ) به يوم أحد( {[12960]} ) .
قوله : ( وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً ) الآية [ 79 ] .
رسولاً : مصدر مؤكد لأرسلناك( {[12961]} ) ، ودخلت " من " في قوله : ( مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ ) كما تدخل مع حروف الشرط تقول : إن يكرمني( {[12962]} ) من أحد أكرمه ، فتدخل من لأنه غير واجب كما تدخل في النفي إذا هو( {[12963]} ) غير واجب ، ولكنها تلزم في الشرط في مثل هذا( {[12964]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.