{ ما أصابك من حسنة } هذا الخطاب إما لكل من يصلح له من الناس أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي ما أصابك من خصب ورخاء وخير ونعمة وصحة وسلامة { فمن الله } بفضله ورحمته إحسانا منه إليك ، وتفضلا منه عليك { وما أصابك من سيئة } أي جهد وبلاء وشدة ومكروه ومشقة وأذى { فمن نفسك } أي بذنب أتيته وخطيئة اكتسبتها نفسك فعوقبت عليه ، وقيل هذا من كلام الذين لا يفقهون حديثا ، وقيل إن ألف الاستفهام مضمرة أي أفمن نفسك ومثله قوله تعالى { وتلك نعمة تمنها على } والمعنى أو تلك نعمة ومثله قوله تعالى { فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي } أي أهذا ربي .
وقد ورد في الكتاب العزيز ما يفيد هذه الآية كقوله تعالى { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } وقوله { أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم } .
وقد يظن أن قوله { وما أصابك من سيئة فمن نفسك } مناف لقوله { كل من عند الله } ولقوله { وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله } وقوله { نبلوكم بالشر والخير والفتنة } وقوله { وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال } .
وليس الأمر كذلك فالجمع ممكن فإضافة الأشياء كلها إلى الله حقيقة ، وإلى فعل العبد مجازية ، قال قتادة : حسنة أي نعمة وسيئة أي مصيبة { كل من عند الله } أي النعم والمصائب ، وعن أبي العالية قال : إن تصبهم حسنة هذه في السراء والضراء { وما أصابك من حسنة } قال : هذه في الحسنات والسيآت .
وعن ابن عباس قال : الحسنة والسيئة من عند الله ، أما الحسنة فأنعم بها عليك وأما السيئة فابتلاه بها ، وما أصابك من سيئة قال : ما أصابه يوم أحد أن شج وجهه وكسرت رباعيته .
وقد تعلق بظاهر هذه الآية القدرية وقالوا نفى الله السيئة عن نفسه ، ونسبها إلى الإنسان ولا متعلق لهم بها لأنه ليس المراد منها الكسب ، بل ما يصيب الناس من النعم والمحن ، ولو كانت على ما يقول أهل القدر لقال أصبت من حسنة وما أصبت من سيئة ولم يقل ما أصابك ، وقال ابن الأنباري : الفعلان راجعان إلى الله يعني ما أصابك الله به من حسنة ومن سيئة .
{ وأرسلناك للناس رسولا } فيه البيان لعموم رسالته صلى الله عليه وسلم إلى الجميع كما يفيده التأكيد بالمصدر والعموم في الناس ومثله قوله { وما أرسلناك إلا كافة للناس } وقوله { يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا } وفيه جلالة منصبه ومكانته عند الله وبيان بطلان زعمهم الفاسد في حقه بناء على جهلهم بشأنه الجليل .
{ وكفى بالله شهيدا } على ذلك أو على أن الحسنة والسيئة منه ، والأول أولى ، والمعنى شهيدا على إرسالك للناس أو على تبليغك ما أرسلت به إلى الناس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.