فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{مَّآ أَصَابَكَ مِنۡ حَسَنَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٖ فَمِن نَّفۡسِكَۚ وَأَرۡسَلۡنَٰكَ لِلنَّاسِ رَسُولٗاۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدٗا} (79)

{ ما أصابك من حسنة فمن الله } . . السيئة تارة تقع على البلية والمحنة ، وتارة تقع على الذنب والمعصية ، ثم إنه تعالى أضاف السيئة إلى نفسه في الآية الأولى بقوله : { قل كل من عند الله } وأضافها في هذه الآية إلى العبد بقوله :

{ وما أصابك } أي : يا إنسان ، خطابا عاما ، { فمن نفسك } ، فلابد من التوفيق . . . ، وما ذاك إلا بأن يجعل هناك بمعنى : البلية ، وههنا بمعنى : المعصية ، قال : وإنما فصل بين الحسنة والسيئة في هذه الآية ، فأضاف الحسنة التي هي الطاعة إلى نفسه دون السيئة ، مع أن كليهما من فعل العبد عندنا ؟ لأن الحسنة إنما تصل إلى العبد بتسهيل الله وألطافه ، فصحت إضافتها إليه ، وأما السيئة فلا يصح إضافتها إلى الله تعالى ، لا بأنه فعلها ، ولا بأنه أمر بها ، ولا بأنه رغب فيها ؛ ا ه .

{ وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا } قال علماء المعاني : { رسولا } حال من الكاف ، أي : حال كونك ذا رسالة ، و { الناس } صفة { رسولا } فأصل النظم : وأرسلناك رسولا للناس ، فلابد للتقديم من خاصية ، هو التخصيص ، أعني : ثبوت الحكم للمقدم ، ونفيه عما يقابله حقيقة أو عرفا ، لا عما عداه مطلقا ، فتعين حمل اللام على الاستغراق ، ليثبت الحكم كل فرد من أفراد الإنسان ، وينفي نقيض هذا الحكم وهو ما يزعمه الضالة من أنه مبعوثا إلى بعض الناس كالعجم . ا ه .

{ وكفى بالله شهيدا } يشهد بأنك مرسل داعيا إلى الله ومبشرا ونذيرا ، وليس عليك إلا البلاغ ، وربنا يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .