مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{مَّآ أَصَابَكَ مِنۡ حَسَنَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٖ فَمِن نَّفۡسِكَۚ وَأَرۡسَلۡنَٰكَ لِلنَّاسِ رَسُولٗاۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدٗا} (79)

ثم قال { مَا أَصَابَكَ } يا إنسان خطاباً عاماً . وقال الزجاج : المخاطب به النبي عليه السلام والمراد غيره { مِنْ حَسَنَةٍ } من نعمة وإحسان { فَمِنَ الله } تفضلاً منه وامتناناً { وَمَا أصابك مِن سَيّئَةٍ } من بلية ومصيبة { فَمِن نَّفْسِكَ } فمن عندك أي فبما كسبت يداك .

{ وَمَا أصابكم مّن مُّصِيبَةٍ فِيمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } [ الشورى : 30 ] . { وأرسلناك لِلنَّاسِ رَسُولاً } لا مقدراً حتى نسبوا إليك الشدة ، أو أرسلناك للناس رسولاً فإليك تبليغ الرسالة وليس إليك الحسنة والسيئة { وكفى بالله شَهِيداً } بأنك رسوله ، وقيل : هذا متصل بالأول أي يكادون يفقهون حديثاً يقولون ما أصابك . وحمل المعتزلة الحسنة والسيئة في الآية الثانية على الطاعة والمعصية تعسف بيّن وقد نادى عليه ما أصابك إذ يقال في الأفعال «ما أصبت » ولأنهم لا يقولون الحسنات من الله خلقاً وإيجاداً فأنى يكون لهم حجة في ذلك ؟ «وشهيداً » تمييز .