المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡأَرۡحَامِۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسٞ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدٗاۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٖ تَمُوتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرُۢ} (34)

34- إن الله يثبت عنده علم الساعة فلا يعلمها أحد سواه ، وينزل المطر في موعده الذي ضربه له ، ويعلم ما في الأرحام ، أى يعلم مصير هذا الخارج من الأرحام إلى الدنيا بين الشقاء والسعادة ، وبين التوفيق والخذلان ، وبين مقدار إقامته في الدنيا وخروجه منها . وما تعلم نفس بارة أو فاجرة ما تكسبه في غدها من خير أو شر ، وما تعلم نفس ببقعة الأرض التي فيها ينقضي أجلها ، لأن الله تام العلم والخبرة لكل شيء ، ولا يظهر على غيبه أحداً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡأَرۡحَامِۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسٞ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدٗاۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٖ تَمُوتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرُۢ} (34)

{ 34 } { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }

قد تقرر أن اللّه تعالى أحاط علمه بالغيب والشهادة ، والظواهر والبواطن ، وقد يطلع اللّه عباده على كثير من الأمور الغيبية ، وهذه [ الأمور ]{[678]}  الخمسة ، من الأمور التي طوى علمها عن جميع المخلوقات ، فلا يعلمها نبي مرسل ، ولا ملك مقرب ، فضلا عن غيرهما ، فقال : { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ } أي : يعلم متى مرساها ، كما قال تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً } الآية .

{ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ } أي : هو المنفرد بإنزاله ، وعلم وقت نزوله .

{ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ } فهو الذي أنشأ ما فيها ، وعلم ما هو ، هل هو ذكر أم أنثى ، ولهذا يسأل الملك الموكل بالأرحام ربه : هل هو ذكر أم أنثى ؟ فيقضي اللّه ما يشاء .

{ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا } من كسب دينها ودنياها ، { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ } بل اللّه تعالى ، هو المختص بعلم ذلك جميعه .

ولما خصص هذه الأشياء ، عمم علمه بجميع الأشياء فقال : { إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } محيط بالظواهر والبواطن ، والخفايا والخبايا ، والسرائر ، ومن حكمته التامة ، أن أخفى علم هذه الخمسة عن العباد ، لأن في ذلك من المصالح ما لا يخفى على من تدبر ذلك .

تم تفسير سورة لقمان بفضل اللّه وعونه ، والحمد للّه .


[678]:- زيادة من ب.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡأَرۡحَامِۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسٞ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدٗاۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٖ تَمُوتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرُۢ} (34)

وقوله تعالى : { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث } ذكرالنقاش أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الخمس وروي أنه سأل عن بعضها عن جنين وعما يكسب ونحو هذا فنزلت الآية حاصرة لمفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله تعالى ذكر ذلك مجاهد{[9393]} ولن تجد من المغيبات شيئاً إلا هذه أو ما يعيده النظر ، والتأويل إليها ، و { علم الساعة } مصدر مضاف إلى المفعول ، أي كل ما شأنه أن يعلم من أمر الساعة ولكن الذي استأثر الله تعالى به هو علم الوقت وغير ذلك قد أعلم ببعض منه ، وكذلك نزول الغيث أمر قد استأثر الله تعالى بتفصيله وعلم وقته الخاص به ، وأمر الأجنة كذلك ، وأفعال البشر وجميع كسبهم كذلك وموضع موت كل بشر كذلك إلا الأصقاع والموضع الخاص بالجسد{[9394]} ، وقرأ ابن أبي عبلة «بأيَّة أرض » فتح الياء وزيادة تاء تأنيث{[9395]} ، و { عليم خبير } صفتان متشابهتان لمعنى الآية ، وقال ابن مسعود : كل شيء أوتي نبيكم إلا مفاتيح الخمس ثم تلا الآية{[9396]} ، وقرأ «وينزِل » خفيفة أهل الكوفة وأبو عمرو وعيسى ، وقرأ «وينزِّل » بالتثقيل نافع وأبو جعفر وعاصم وشيبة ، وذكر أبو حاتم في ترجيح التثقيل رأيا ( انتهى ) .


[9393]:الحديث الذي رواه مجاهد أخرجه الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، ولفظه كما ذكره السيوطي في الدر المنثور: (جاء رجل من أهل البادية فقال: إن امرأتي حبلى فأخبرني ما تلد؟ وبلادنا مجدبة فأخبرني متى ينزل الغيث؟ وقد علمت متى ولدت فأخبرني متى أموت؟ فأنزل الله تعالى: {إن الله عنده علم الساعة} الآية). كما ذكر السيوطي أن ابن المنذر قد أخرج مثله عن عكرمة، وفي (أسباب النزول) ذكر الواحدي حديث مجاهد بدون سند، وكذلك ذكره البغوي في تفسيره، وذكره القرطبي في تفسيره عن مقاتل، قال: إن هذه الآية نزلت في رجل من أهل البادية اسمه الوارث بن عمرو بن حارثة، أتى النبي صلى الله عليه وسلم.. الحديث. وذكر ابن كثير في تفسيره لهذه الآية أن السنة قد وردت بتسمية هذه الخمس: مفاتيح الغيب، قال: فروى الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير} قال: ورواه البخاري.
[9394]:أسند الله تعالى العلم إلى نفسه، وأسند الدراية للنفس لما في الدراية من معنى الحيلة، ولذلك يوصف الله سبحانه بالعلم فيقال: عالم، ولا يوصف بالدراية، فلا يقال: دار.
[9395]:جاز ذلك لأن الأرض أضيفت إلى الموت وربطت به، وهي لغة قليلة. وقال الأخفش: يجوز مررت بجارية أي جارية، وشبه سيبويه تأنيث "أي" بتأنيث "كل" في قولهم: "كلتهن".
[9396]:أخرجه أحمد، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن مسعود، ذكر ذلك السيوطي في (الدر المنثور)، وفي الدر أيضا أن أحمد والطبراني أخرجا عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أوتيت مفاتيح كل شيء إلا الخمس: {إن الله عنده علم الساعة....} الآية).