التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡأَرۡحَامِۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسٞ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدٗاۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٖ تَمُوتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرُۢ} (34)

قوله تعالى { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير } .

قال الشيخ الشنقيطي : قد قدمنا في سورة الأنعام أن هذه الخمسة المذكورة في خاتمة سورة لقمان : أنها هي مفاتح الغيب المذكورة في قوله تعالى { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو } .

قال البخاري : حدثني إسحاق ، عن جرير ، عن أبي حيان ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوما بارزا للناس ، إذ أتاه رجل يمشي فقال : يا رسول الله ، ما الإيمان ؟ قال : الإيمان أن تؤمن بالله ، وملائكته ، ورسله ، ولقائه ، وتؤمن بالبعث الآخر . قال : ما الإسلام ؟ قال : الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان . قال : يا رسول الله ، ما الإحسان ؟ قال : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك . قال : يا رسول الله ، متى الساعة ؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، ولكن سأحدثك عن أشراطها : إذا ولدت المرأة ربتها فذاك من أشراطها ، وإذا كان الحُفاة العُراة رُءوس الناس فذاك من أشراطها ، في خمس لا يعلمهن إلا الله { إن الله عنده علم الساعة ويُنزل الغيث ويعلم ما في الأرحام } .

ثم انصرف الرجل ، فقال : ردوا عليّ . فأخذوا ليوردوا فلم يروا شيئا ، فقال : هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم .

( صحيح البخاري 8/373- ك التفسير- سورة لقمان ، ب ( الآية ) ح 4777 ) ، ( صحيح مسلم 1/39-40 ح9 ، 10 - ك الإيمان ، ب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ) .

قال البخاري : حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا سليمان بن بلال ، حدثني عبد الله ابن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله : لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم ما غد إلا الله ، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله ) .

( صحيح البخاري 13/374- ك التوحيد ، ب قول الله تعالى { عالم الغيب . . . } ح7379 ) .

قوله تعالى { وما تدري نفس بأي أرض تموت } .

قال ابن ماجة : حدثنا أحمد بن ثابت الجحدري وعمر بن شبّة بن عبيدة قالا : ثنا عمر بن علي . أخبرني إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا كان أجل أحدكم بأرض ، أوْثبَتهُ إليها الحاجة ، فإذا بلغ أقصى أثره ، قبضه الله سبحانه . فتقول الأرض ، يوم القيامة : ربّ ! هذا ما استودعتني " .

( السنن 2/1424- الزهد ، ب ذكر الموت والاستعداد له ح 4263 ) ، قال البوصيري : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات ، رواه الحاكم في ( المستدرك 1/ 41-42 ) من طريق عمر بن علي المقدومي ومحمد ابن خالد الوهبي وهشيم عن إسماعيل بن أبي خالد به . وقال : أسند هذا الحديث ثلاثة من الثقات . ( مصباح الزجاجة 2/549 ) . وقال الألباني : صحيح ( صحيح ابن ماجة 2/420 ) . ذكره ابن كثير ( 6/359 ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة { إن الله عنده علم الساعة } الآية ، أشياء من الغيب استأثر الله بهن ، فلم يطلع عليهن ملكا مقربا ، ولا نبيا مرسلا { إن الله عنده علم الساعة } فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة ، في أي سنة أو في أي شهر ، أو ليل أو نهار { وينزل الغيث } فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث ، ليلا أو نهارا ينزل ؟ { ويعلم ما في الأرحام } فلا يعلم أحد ما في الأرحام ، أذكر أم أنثى ، أحمر أم أسود ، أو ما هو ؟ { وما تدري نفس ماذا تكسب غدا } خير أم شر ولا تدري يا بن آدم متى تموت ؟ لعلك الميت غدا ، لعلك المصاب غدا ؟ { وما تدري نفس بأي أرض تموت } ليس أحد من الناس يدري أين مضجعه من الأرض في بحر أو برّ أو سهل أو جبل ، تعالى وتبارك .