بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡأَرۡحَامِۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسٞ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدٗاۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٖ تَمُوتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرُۢ} (34)

قوله عز وجل : { إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة } قال مقاتل : نزلت في رجل يقال له : الوليد بن عمرو من أهل البادية ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنّ أرضنا أجدبت ، فمتى ينزل الغيث ؟ وتركت امرأتي حبلى ، فماذا تلد ؟ وقد علمت بأيِّ أرض ولدت ، فبأيِّ أرض أموت ؟ وقد علمت ما عملت اليوم ، فماذا أنا عامل غداً ؟ ومتى الساعة ؟ فنزل { إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة } يعني : علم القيامة لا يعلمه غيره { وَيُنَزّلُ الغيث } يعني : وهو الذي ينزل الغيث متى شاء { وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرحام } من ذكر وأنثى { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً } أي ماذا تعمل غدا { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بأي أَرْضٍ تَمُوتُ } في سهل أو جبل . وروي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «مَفَاتِيحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ الله فَقَرَأ : { إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة } الآية » . وقال ابن مسعود كل شيء أوتي نبيكم إلا مفاتيح الغيب الخمس . { إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة } إلى آخر السورة . وقالت عائشة رضي الله عنها : " من حدثكم بأنه يعلم ما في غد فقد كذب " . ثم قرأت : { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بأي أَرْضٍ تَمُوتُ } يعني : بأي مكان تموت ، وبأي قدم تؤخذ ، وبأي نفس ينقضي أجله .

وروى شهر بن حوشب قال : دخل ملك الموت على سليمان بن داود عليه السلام فقال رجل من جلسائه لسليمان : من هذا ؟ فقال ملك الموت . فقال : لقد رأيته ينظر إليّ كأنه يريدني . فأريد أن تحملني على الريح حتى تلقيني بالهند . ففعل . ثم أتى ملك الموت إلى سليمان فسأله عن نظره ذلك . فقال : إني كنت أعجب أني كنت أمرت أقبض روحه في أرض الهند في آخر النهار وهو عندك .

ثم قال تعالى : { إِنَّ الله عَلَيمٌ خَبِيرٌ } يعني : بهذه الأشياء التي ذكرها .