المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنۡهُمُ ٱلۡكُفۡرَ قَالَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ} (52)

52- ولما جاء عيسى - عليه السلام - دعا قومه إلى الصراط المستقيم ، فأبى أكثرهم ، فلما علمَ منهم ذلك اتجه إليهم منادياً : من يناصرني في هذا الحق الذي أدعو إليه ؟ فأجابه خاصة المؤمنين بالله وبه : نحن نؤيدك وننصرك لأنك داع إلى الله ، واشهد بأنا مخلصون لله منقادون لأمره .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنۡهُمُ ٱلۡكُفۡرَ قَالَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ} (52)

{ فلما أحس عيسى منهم الكفر } أي : رأى منهم عدم الانقياد له ، وقالوا هذا سحر مبين ، وهموا بقتله وسعوا في ذلك { قال من أنصاري إلى الله } من يعاونني ويقوم معي بنصرة دين الله { قال الحواريون } وهم الأنصار { نحن أنصار الله } أي : انتدبوا معه وقاموا بذلك .

وقالوا : { آمنا بالله } { واشهد بأنا مسلمون } أي : الشهادة النافعة ، وهي الشهادة بتوحيد الله وتصديق رسوله مع القيام بذلك .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنۡهُمُ ٱلۡكُفۡرَ قَالَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ} (52)

يقول تعالى : { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى } أي : استشعر منهم التصميم على الكفر والاستمرار على الضلال قال : { مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ } قال مجاهد : أي من يَتبعني إلى الله ؟ وقال سفيان الثوري وغيره : من أنصاري مع الله ؟ وقول{[5059]} مجاهد أقربُ .

والظاهر أنه أراد من أنصاري في الدعوة إلى الله ؟ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مواسم الحج ، قبل أن يهاجر : " مَنْ رَجُل يُؤْوِيني عَلى [ أن ]{[5060]} أبلغ كلامَ رَبِّي ، فإنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أنْ أُبَلِّغَ كَلامَ رَبِّي " {[5061]} حتى وجد الأنصار فآووه ونصروه ، وهاجر إليهم فآسوه{[5062]} ومنعوه من الأسود والأحمر . وهكذا{[5063]} عيسى ابن مريم ، انْتدَبَ له طائفة من بني إسرائيل فآمنوا به وآزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه . ولهذا قال تعالى مخبرًا عنهم : { قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } الحواريون ، قيل : كانوا قَصّارين وقيل : سموا بذلك لبياض ثيابهم ، وقيل : صيادين . والصحيح أن الحواري الناصر ، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نَدبَ الناس يوم الأحزاب ، فانتدب الزبير ، ثم ندبهم فانتدَبَ الزبير [ ثم ندبهم فانتدب الزبير ]{[5064]} فقال : " إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَاريًا وَحَوَارِيي الزُّبَيْرُ " {[5065]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشَجّ ، حدثنا وكيع ، حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : { فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } قال مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم . وهذا إسناد جيد .


[5059]:في أ: "وقال".
[5060]:زيادة من ر، وفي جـ، أ، و: "يؤويني حتى أبلغ".
[5061]:رواه أحمد في المسند (3/322) من حديث جابر رضي الله عنه.
[5062]:في أ: "فآمنوه".
[5063]:في أ: "وكذا".
[5064]:زيادة من أ، و.
[5065]:صحيح البخاري برقم (3719) وصحيح مسلم برقم (2415) من حديث جابر رضي الله عنه.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنۡهُمُ ٱلۡكُفۡرَ قَالَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ} (52)

{ فلما أحس عيسى منهم الكفر } تحقق كفرهم عنده تحقق ما يدرك بالحواس . { قال من أنصاري إلى الله } ملتجئا إلى الله تعالى أو ذاهبا أو ضاما إليه ، ويجوز أن يتعلق الجار ب{ أنصاري } مضمنا معنى الإضافة ، أي من الذين يضيفون أنفسهم إلى الله تعالى في نصري . وقيل إلى ها هنا بمعنى ( مع ) أو ( في ) أو ( اللام ) . { قال الحواريون } حواري الرجل خاصته من الحور وهو البياض الخالص ، ومه الحواريات للحضريات لخلوص ألوانهن . سمي به أصحاب عيسى عليه الصلاة والسلام لخلوص نيتهم ونقاء سريرتهم . وقيل كانوا ملوكا يلبسون البيض استنصر بهم عيسى عليه الصلاة والسلام من اليهود . وقيل قصارين يحورون الثياب أي يبيضونها . { نحن أنصار الله } أي أنصار دين الله . { آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون } لتشهد لنا يوم القيامة حين تشهد الرسل لقومهم وعليهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنۡهُمُ ٱلۡكُفۡرَ قَالَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ} (52)

آذَنَ شرطُ لَما بجمل محذوفة ، تقديرها : فوُلِد عيسى ، وكَلم الناس في المهد بما أخبرت به الملائكة مريم ، وكلم الناس بالرسالة . وأراهم الآيات الموعودَ بها ، ودعاهم إلى التصديق به وطاعته ، فكفروا به ، فلما أحسّ منهم الكفر قال إلى آخره . أي أحسّ الكفر من جماعة من الذين خاطبهم بدعوته في قوله : { وأطيعون } [ آل عمران : 50 ] أي سمع تكذيبهم إياه وأُخبر بتمالئهم عليه . « ومنهم » متعلق بأحسّ . وضمير منهم عائد إلى معلوم من المقام يفسره وصف الكفر .

وطَلَبُ النصرِ لإظهار الدعوة لله ، موقفٌ من مواقف الرسل ، فقد أخبر الله عن نوح { فدعا رَبه أنّي مغلوب فانتصر } وقال موسى : { واجعل لي وزيراً من أهلي } [ طه : 29 ] وقد عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه على قبائل العرب لينصروه حتى يُبلغ دعوة ربّه .

وقوله : { قال من أنصاري إلى الله } لعله قاله في ملإ بني إسرائيل إبْلاغاً للدعوة ، وقطعاً للمعذرة . والنصر يشمل إعلان الدين والدعوة إليه . ووصل وصْفَ { أنصاري } بإلى إما على تضمين صفة أنصار معنى الضم أي مَن ضامون نصرهم إياي إلى نصر الله إياي ، الذي وعدني به ؛ إذ لا بدّ لحصول النصر من تحصيل سببه كما هي سنّة الله : قال تعالى : { إن تنصروا الله ينصركم } [ محمد : 7 ] على نحو قوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } [ النساء : 2 ] أي ضامِّينها فهو ظرف لغو ، وإما على جعله حالاً من ياء المتكلم والمعنَى في حال ذهابي إلى الله ، أي إلى تبليغ شريعته ، فيكون المجرور ظرفاً مستقراً . وعلى كلا الوجهين فالكون الذي اقتضاه المجرور هو كون من أحوال عيسى عليه السلام ولذلك لم يأت الحواريون بمثله في قولهم نحن أنصار الله .

والحواريون : لقب لأصحاب عيسى ، عليه السلام : الذين آمنوا به ولازموه ، وهو اسم معرَّب من النبطية ومفرده حواري قاله في الإتقان عن ابن حاتم عن الضحّاك ولكنه ادّعى أنّ معناه الغسال أى غسّال الثياب .

وفسّره علماء العربية بأنه من يكون من خاصّة من يضاف هو إليه ومن قرابته .

وغلب على أصحاب عيسى وفي الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم " لكل نبيِّء حَوَارِيٌّ وحَوارِيّ الزُّبَيْر بنُ العوام " .

وقد أكثر المفسرون وأهل اللغة في احتمالات اشتقاقه واختلاف معناه وكلّ ذلك إلصاق بالكلمات التي فيها حروف الحاء والواو والراء لا يصحّ منه شيء .

والحواريون اثنا عشر رجلا وهم : سَمْعَان بطرس ، وأخوه أندراوس ، ويوحنا بن زبْدي ، وأخوه يعقوب وهؤلاء كلّهم صيادو سَمك ومتَّى العشَّار وتوما وفيليبس ، وبرثو لماوس ، ويعقوب بن حلفي ، ولباوس ، وسمعان القانوى ، ويهوذا الأسخريوطي .

وكان جواب الحواريين دالاّ على أنهم علموا أنّ نصر عيسى ليس لذاته بل هو نصر لدين الله ، وليس في قولهم : { نحن أنصار الله } ما يفيد حصراً لأنّ الإضافة اللفظية لا تفيد تعريفاً ، فلم يحصل تعريف الجزأين ، ولكنّ الحواريين بادروا إلى هذا الانتداب .

وقد آمن مع الحواريّين أفراد متفرّقون من اليهود ، مثل الذين شفى المسيح مرضاهم ، وآمن به من النساء أمّه عليها السلام ، ومريم المجدلية ، وأم يوحنا ، وحماة سمعان ، ويوثا امرأة حوزي وكيل هيرودس ، وسوسة ، ونساء أخر ولكنّ النساء لا تطلب منهنّ نصره .