173- وليس المحرم ما زعمه المشركون وما زعمه اليهود ، وإنما المحرم عليكم - أيها المؤمنون - الميتة التي لم تذبح من الحيوان ، ومن الدم المسفوح ، ومثله في التحريم لحم الخنزير ، وما ذكر على ذبحه اسم غير الله من الوثن ونحوه ، على أن من اضطر{[10]} إلى تناول شيء من هذه المحظورات لجوعٍ لا يجد ما يدفعه غيرها أو لإكراه على أكله فلا بأس عليه ، وليتجنب سبيل الجاهلية من طلب هذه المحرمات والرغبة فيها ولا يتجاوز ما يسد الجوع .
ولما ذكر تعالى إباحة الطيبات ذكر تحريم الخبائث فقال { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ } وهي : ما مات بغير تذكية شرعية ، لأن الميتة خبيثة مضرة ، لرداءتها في نفسها ، ولأن الأغلب ، أن تكون عن مرض ، فيكون زيادة ضرر{[118]} واستثنى الشارع من هذا العموم ، ميتة الجراد ، وسمك البحر ، فإنه حلال طيب .
{ وَالدَّمَ } أي : المسفوح كما قيد في الآية الأخرى .
{ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ } أي : ذبح لغير الله ، كالذي يذبح للأصنام والأوثان من الأحجار ، والقبور ونحوها ، وهذا المذكور غير حاصر للمحرمات ، جيء به لبيان أجناس الخبائث المدلول عليها بمفهوم قوله : { طَيِّبَاتِ } فعموم المحرمات ، تستفاد من الآية السابقة ، من قوله : { حَلَالًا طَيِّبًا } كما تقدم .
وإنما حرم علينا هذه الخبائث ونحوها ، لطفا بنا ، وتنزيها عن المضر ، ومع هذا { فَمَنِ اضْطُرَّ } أي : ألجئ إلى المحرم ، بجوع وعدم ، أو إكراه ، { غَيْرَ بَاغٍ } أي : غير طالب للمحرم ، مع قدرته على الحلال ، أو مع عدم جوعه ، { وَلَا عَادٍ } أي : متجاوز الحد في تناول ما أبيح له ، اضطرارا ، فمن اضطر وهو غير قادر على الحلال ، وأكل بقدر الضرورة فلا يزيد عليها ، { فَلَا إِثْمَ } [ أي : جناح ] عليه ، وإذا ارتفع الجناح الإثم{[119]} رجع الأمر إلى ما كان عليه ، والإنسان بهذه الحالة ، مأمور بالأكل ، بل منهي أن يلقي بيده إلى التهلكة ، وأن يقتل نفسه .
فيجب ، إذًا عليه الأكل ، ويأثم إن ترك الأكل حتى مات ، فيكون قاتلا لنفسه .
وهذه الإباحة والتوسعة ، من رحمته تعالى بعباده ، فلهذا ختمها بهذين الاسمين الكريمين المناسبين غاية المناسبة فقال : { إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
ولما كان الحل مشروطا بهذين الشرطين ، وكان الإنسان في هذه الحالة ، ربما لا يستقصي تمام الاستقصاء في تحقيقها - أخبر تعالى أنه غفور ، فيغفر ما أخطأ فيه في هذه الحال ، خصوصا وقد غلبته الضرورة ، وأذهبت حواسه المشقة .
وفي هذه الآية دليل على القاعدة المشهورة : " الضرورات تبيح المحظورات " فكل محظور ، اضطر إليه الإنسان ، فقد أباحه له ، الملك الرحمن . [ فله الحمد والشكر ، أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا ] .
ولما امتن تعالى عليهم برزقه ، وأرشدهم إلى الأكل من طيبه ، ذكر أنه لم يحرم عليهم من ذلك إلا الميتة ، وهي التي تموت حتف أنفها من غير تذكية ، وسواء كانت منخنقة أو موقوذة أو مُتَردِّية أو نطيحة أو قد عدا عليها السبع .
وقد خصص الجمهور من ذلك ميتة البحر لقوله تعالى : { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ } [ المائدة : 96 ] على ما سيأتي ، وحديث العنبر في الصحيح وفي المسند والموطأ والسنن قوله ، عليه السلام ، في البحر : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " وروى الشافعي وأحمد وابن ماجة والدارقطني من حديث ابن عمر مرفوعًا : " أحل لنا ميتتان ودمان : السمك والجراد ، والكبد والطحال " وسيأتي تقرير ذلك في سورة المائدة{[3058]} .
ولبن الميتة وبيضها المتصل بها نجس عند الشافعي وغيره ؛ لأنه جزء منها . وقال مالك في رواية : هو طاهر إلا أنه ينجس بالمجاورة ، وكذلك أنفحة الميتة فيها الخلاف والمشهور عندهم أنها نجسة ، وقد أوردوا على أنفسهم أكل الصحابة من جبن المجوس ، فقال القرطبي في تفسيره هاهنا : يخالط اللبن منها يسير ، ويعفى عن قليل النجاسة إذا خالط الكثير من المائع . وقد روى ابن ماجة من حديث سيف بن هارون ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سلمان سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء ، فقال : " الحلال ما أحل الله في كتابه ، والحرام ما حرم الله في كتابه ، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه " {[3059]} .
وكذلك حرم عليهم لحم الخنزير ، سواء ذُكِّي أو مات حَتْف أنفه ، ويدخُلُ شَحْمه في حكم لحمه{[3060]} إما تغليبًا أو أن اللحم يشمل ذلك ، أو بطريق القياس على رأي . و[ كذلك ]{[3061]} حَرَّم عليهم ما أهِلَّ به لغير الله ، وهو ما ذبح على غير اسمه{[3062]} تعالى من الأنصاب والأنداد والأزلام ، ونحو ذلك مما كانت الجاهلية ينحرون له . [ وذكر القرطبي عن ابن عطية أنه نقل عن الحسن البصري : أنه سئل عن امرأة عملت عرسًا للعبها فنحرت فيه جزورًا فقال : لا تؤكل لأنها ذبحت لصنم ، وأورد القرطبي عن عائشة أنها سئلت عما يذبحه العجم في أعيادهم فيهدون منه للمسلمين ، فقالت : ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوه ، وكلوا من أشجارهم ]{[3063]} . ثم أباح تعالى تناول ذلك عند الضرورة والاحتياج إليها ، عند فقد غيرها من الأطعمة ، فقال : { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ } أي : في غير بغي ولا عدوان ، وهو مجاوزة الحد { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } أي : في أكل ذلك { إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
وقال مجاهد : فمن اضطر غير باغ ولا عاد ، قاطعًا للسبيل ، أو مفارقًا للأئمة ، أو خارجًا في معصية الله ، فله الرخصة ، ومن خرج باغيًا أو عاديًا أو في معصية الله فلا رخصة له ، وإن اضطر إليه ، وكذا روي عن سعيد بن جبير .
وقال سعيد - في رواية عنه - ومقاتل بن حيان : غير باغ : يعني غير مستحله . وقال السدي : غير باغ يبتغي فيه شهوته ، وقال عطاء الخراساني في قوله : { غَيْرَ بَاغٍ } [ قال ]{[3064]} لا يشوي من الميتة ليشتهيه ولا يطبخه ، ولا يأكل إلا العُلْقَة ، ويحمل معه ما يبلغه الحلال ، فإذا بلغه ألقاه [ وهو قوله : { وَلا عَادٍ } يقول : لا يعدو به الحلال ]{[3065]} .
وعن ابن عباس : لا يشبع منها . وفسره السدي بالعدوان . وعن ابن عباس { غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ } قال : { غَيْرَ بَاغٍ } في الميتة { وَلا عَادٍ } في أكله . وقال قتادة : فمن اضطر غير باغ ولا عاد في{[3066]} أكله : أن يتعدى حلالا إلى حرام ، وهو يجد عنه مندوحة .
وحكى القرطبي عن مجاهد في قوله : { فَمَنِ اضْطُرَّ } أي : أكره على ذلك بغير اختياره .
مسألة : ذكر القرطبي إذا وجد المضطر ميتة وطعام الغير بحيث لا قطع فيه ولا أذى ، فإنه لا يحل له أكل الميتة بل يأكل طعام الغير بلا خلاف - كذا قال - ثم قال : وإذا أكله ، والحالة هذه ، هل يضمنه أم لا ؟ فيه قولان هما روايتان عن مالك ، ثم أورد من سنن ابن ماجه من حديث شعبة عن أبي إياس جعفر بن أبي وحشية : سمعت عباد بن العنزي{[3067]} قال : أصابتنا عامًا مخمصة ، فأتيت المدينة{[3068]} . فأتيت حائطا ، فأخذت سنبلا ففركته وأكلته ، وجعلت منه في كسائي ، فجاء صاحب الحائط فضربني وأخذ ثوبي ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال للرجل : " ما أطعمته إذ كان جائعا أو ساعيا ، ولا علمته إذ كان جاهلا " {[3069]} . فأمره فرد إليه ثوبه ، وأمر له بوسق من طعام أو نصف وسق ، إسناد صحيح قوي جيد وله شواهد كثيرة : من ذلك حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثمر المعلق ، فقال : " من أصاب منه من ذي حاجة بفيه غير متخذ خبنة{[3070]} فلا شيء عليه " {[3071]} الحديث .
وقال مقاتل بن حيان في قوله : { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } فيما أكل من اضطرار ، وبلغنا - والله أعلم - أنه لا يزاد{[3072]} على ثلاث لقم .
وقال سعيد بن جبير : غفور لما أكل من الحرام . رحيم إذ أحل له الحرام في الاضطرار .
وقال وَكِيع : حدثنا الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال : من{[3073]} اضطُرَّ فلم يأكل ولم يشرب ، ثم مات دخل النار .
[ وهذا يقتضي أن أكل الميتة للمضطر عزيمة لا رخصة . قال أبو الحسن الطبري - المعروف بالكيا الهراسي رفيق الغزالي في الاشتغال : وهذا هو الصحيح عندنا ؛ كالإفطار للمريض في رمضان ونحو ذلك ]{[3074]} .
{ إنما حرم عليكم الميتة } أكلها ، أو الانتفاع بها . وهي التي ماتت من غير ذكاة . والحديث ألحق بها ما أبين من حي . والسمك والجراد أخرجهما العرف عنها ، أو استثناه الشرع . والحرمة المضافة إلى العين تفيد عرفا حرمة التصرف فيها مطلقا إلا ما خصه الدليل ، كالتصرف في المدبوغ . { والدم ولحم الخنزير } إنما خص اللحم بالذكر ، لأنه معظم ما يؤكل من الحيوان وسائر أجزائه كالتابع له . { وما أهل به لغير الله } أي رفع به الصوت عند ذبحه للصنم . والإهلال أصله رؤية الهلال ، يقال أهل الهلال وأهللته . لكن لما جرت العادة أن يرفع الصوت بالتكبير إذا رئي سمي ذلك إهلالا ، ثم قيل لرفع الصوت وإن كان لغيره . { فمن اضطر غير باغ } بالاستيثار على مضطر آخر . وقرأ عاصم وأبو عمرو حمزة بكسر النون . { ولا عاد } سد الرمق ، أو الجوعة . وقيل ؛ غير باغ على الوالي . ولا عاد بقطع الطريق . فعلى هذا لا يباح للعاصي بالسفر وهو ظاهر مذهب الشافعي وقول أحمد رحمهما الله تعالى . { فلا إثم عليه } في تناوله . { إن الله غفور } لما فعل { رحيم } بالرخصة فيه . فإن قيل : إنما تفيد قصر الحكم على ما ذكر وكم من حرام لم يذكر . قلت : المراد قصر الحرمة على ما ذكر مما استحلوه لا مطلقا ، أو قصر حرمته على حال الاختيار كأنه قيل إنما حرم عليكم هذه الأشياء ما لم تضطروا إليها .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم بين ما حرم، فقال: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله}، يقول: وما ذبح للأوثان.
{فمن اضطر}: إلى شيء مما حرم الله.
{ولا عاد}: ولا معتديا لم يضطر إليه.
{إن الله غفور}: لما أكل من الحرام في الاضطرار.
{رحيم}: إذ رخص لهم في الاضطرار، مثلها في الأنعام، والمضطر يأكل على قدر قوته...
18- قال الشافعي في قوله تعالى: {فَمَنُ اَضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} معناه: من كان مضطرا، ولا يكون موصوفا بصفة البغي، ولا بصفة العدوان البتة، فأكل (فلا إثم عليه). (مناقب الإمام الشافعي ص: 175-176.)...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يعني تعالى ذكره بذلك: لا تحرّموا على أنفسكم ما لم أحرّمه عليكم أيها المؤمنون بالله وبرسوله من البحائر والسوائب ونحو ذلك، بل كلوا ذلك فإني لم أحرّم عليكم غير الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلّ به لغيري.
"إنمَا حَرّمَ عَلَيْكُمُ الَميْتَةَ": ما حرم عليكم إلا الميتة...
"وَما أُهِلّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ": وما ذبح للآلهة والأوثان يسمى عليه بغير اسمه أو قصد به غيره من الأصنام. وإنما قيل: "وَما أُهِلّ بِهِ "لأنهم كانوا إذا أرادوا ذبح ما قرّبوه لآلهتهم سمّوُا اسم آلهتهم التي قرّبوا ذلك لها وجهروا بذلك أصواتهم، فجرى ذلك من أمرهم على ذلك حتى قيل لكل ذابح يسمي أو لم يسم جهر بالتسمية أو لم يجهر: «مُهِلٌ»، فرفعهم أصواتهم بذلك هو الإهلال الذي ذكره الله تعالى فقال: "وَما أُهِلّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ". ومن ذلك قيل للملبي في حجة أو عمرة مُهلّ، لرفعه صوته بالتلبية...
فقال بعضهم: يعني بقوله: "وَما أُهِلّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ "ما ذبح لغير الله... ما أهل به للطواغيت.
وقال آخرون: معنى ذلك: ما ذكر عليه غير اسم الله... ما يذبح لآلهتهم الأنصاب التي يعبدونها، أو يسمون أسماءها عليها؛ يقولون: باسم فلان.
"فَمَنِ اضْطُرّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إْثمَ عَلَيْهِ": "فَمَنِ اضْطُرّ": فمن حلت به ضرورة مجاعة إلى ما حرّمت عليكم من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله، وهو بالصفة التي وصفنا، فلا إثم عليه في أكله إن أكله. وقوله: "فَمَنِ اضْطرّ" افتعل من الضرورة، فكأنه قيل: فمن اضطرّ لا باغيا ولا عاديا فأكله، فهو له حلال.
وقد قيل: إن معنى قوله: "فَمَنِ اضْطُرّ": فمن أكره على أكله فأكله، فلا إثم عليه.
"غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ": فإن أهل التأويل في تأويله مختلفون؛
فقال بعضهم: يعني بقوله: "غَيْرَ باغٍ": غير خارج على الأئمة بسيفه باغيا عليهم بغير جور، ولا عاديا عليهم بحرب وعدوان فمفسد عليهم السبيل... غير قاطع سبيل، ولا مفارق جماعة، ولا خارج في معصية الله، فله الرخصة... ومن خرج باغيا أو عاديا في معصية الله، فلا رخصة له وإن اضطرّ إليه.
وقال آخرون في تأويل قوله "غَيْرَ باغٍ وَلا عاد": غير باغ الحرام في أكله، ولا معتد الذي أبيح له منه... غير باغ في أكله، ولا عاد أن يتعدى حلالاً إلى حرام وهو يجد عنه مندوحة.
وقال آخرون: تأويل ذلك فَمَنِ اضْطُرّ غَيْرَ باغٍ في أكله شهوة وَلا عادٍ فوق ما لا بد له منه...أما باغ: فيبتغي فيه شهوته. وأما العادي: فيتعدى في أكله، يأكل حتى يشبع، ولكن يأكل منه قدر ما يمسك به نفسه حتى يبلغ به حاجته.
وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: فَمَنِ اضْطّرّ غَيّرَ باغٍ بأكله ما حرم عليه من أكله وَلا عاد في أكله، وله عن ترك أكله بوجود غيره مما أحله الله له مندوحة وغنى، وذلك أن الله تعالى ذكره لم يرخص لأحد في قتل نفسه بحال، وإذ كان ذلك كذلك فلا شك أن الخارج على الإمام والقاطع الطريق وإن كانا قد أتيا ما حرّم الله عليهما من خروج هذا على من خرج عليه وسعي هذا بالإفساد في الأرض، فغير مبيح لهما فعلهما ما فعلا مما حرّم الله عليهما ما كان حرّم الله عليهما قبل إتيانهما ما أتيا من ذلك من قتل أنفسهما، بل ذلك من فعلهما وإن لم يؤدهما إلى محارم الله عليهما تحريما فغير مرخص لهما ما كان عليهما قبل ذلك حراما، فإن كان ذلك كذلك، فالواجب على قطاع الطريق والبغاة على الأئمة العادلة، الأوبةُ إلى طاعة الله، والرجوع إلى ما ألزمهما الله الرجوع إليه، والتوبة من معاصي الله لا قتل أنفسهما بالمجاعة، فيزدادان إلى إثمهما إثما، وإلى خلافهما أمر الله خلافا.
وأما الذي وجه تأويل ذلك إلى أنه غير باغ في أكله شهوة، فأكل ذلك شهوة لا لدفع الضرورة المخوف منها الهلاك مما قد دخل فيما حرّمه الله عليه، فهو بمعنى ما قلنا في تأويله، وإن كان للفظه مخالفا.
فأما توجيه تأويل قوله: وَلا عادٍ ولا آكل منه شبعه ولكن ما يمسك به نفسه فإن ذلك بعض معاني الاعتداء في أكله، ولم يخصص الله من معاني الاعتداء في أكله معنى فيقال عنى به بعض معانيه. فإذا كان ذلك كذلك، فالصواب من القول ما قلنا من أنه الاعتداء في كل معانيه المحرّمة.
"فَلا إثْمَ عَلَيْهِ": من أكل ذلك على الصفة التي وصفنا فلا تبعة عليه في أكله ذلك كذلك ولا حرج.
"إنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ": إن الله غفور إن أطعتم الله في إسلامكم فاجتنبتم أكل ما حرّم عليكم وتركتم اتباع الشيطان فيما كنتم تحرّمونه في جاهليتكم، طاعة منكم للشيطان واقتفاء منكم خطواته، مما لم أحرّمه عليكم لما سلف منكم في كفركم وقبل إسلامكم في ذلك من خطأ وذنب ومعصية، فصافح عنكم، وتارك عقوبتكم عليه، رحيم بكم إن أطعتموه.
آراء ابن حزم الظاهري في التفسير 456 هـ :
... وحَدُّ الضرورة أن يبقى يوما وليلة لا يجد فيها ما يأكل أو يشرب، فإن خشي الضعف المؤذي الذي إن تمادى أدى إلى الموت، أو قطع به عن طريقه وشغله؛ حل له الأكل والشرب فيما يدفع به عن نفسه الموت بالجوع أو العطش. أما تحديدنا ذلك ببقاء يوم وليلة بلا أكل، فلتحريم النبي صلى الله عليه وسلم الوصال يوما وليلة. وأما قولنا: إن خاف الموت قبل ذلك أو الضعف فلأنه مضطر حينئذ...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
والاضطرار: كل فعل لا يمكن المفعول به الامتناع منه، وذلك كالجوع الذي يحدث للإنسان، ولا يمكنه الامتناع منه. والفرق بين الاضطرار، والإلجاء أن الإلجاء تتوفر معه الدواعي إلى الفعل من جهة الضر أو النفع، وليس كذلك الاضطرار. وأكثر المفسرين على أن المراد في الآية المجاعة. قال مجاهد: ضرورة إكراه. والأولى أن يكون محمولا على العموم إلا ما خصه الدليل.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{إنما حرم عليكم}: {إنما} هنا حاصرة، {الميتة}... ولفظ {الميتة} عموم والمعنى مخصص لأن الحوت والجراد لم يدخل قط في هذا العموم، و {الميتة}: ما مات دون ذكاة مما له نفس سائلة...
و {الدم} يراد به المسفوح، لأن ما خالط اللحم فغير محرم بإجماع... وخص ذكر اللحم من الخنزير ليدل على تحريم عينه ذكي أو لم يذك، وليعم الشحم وما هنالك من الغضاريف وغيرها، وأجمعت الأمة على تحريم شحمه، وفي خنزير الماء كراهية أبي مالك أن يجيب فيه، وقال أنتم تقولون خنزيراً...
وقوله تعالى {فمن اضطر}: ومعنى {اضطر}: ضمه عدم وغرث، هذا هو الصحيح الذي عليه جمهور العلماء والفقهاء، وقيل معناه أُكرِهَ وغلب على أكل هذه المحرمات، غير قاصد فساد وتعدٍّ بأن يجد عن هذه المحرمات مندوحة ويأكلها
ورفع الله تعالى الإثم لمّا أحل الميتة للمضطر لأن التحريم في الحقيقة متعلقه التصرف بالأكل لا عين المحرم، ويطلق التحريم على العين تجوزاً، ومنع قوم التزود من الميتة وقالوا لما استقلت قوة الآكل صار كمن لم تصبه ضرورة قبل.
ومن العلماء من يرى أن الميتة من ابن آدم، والخنزير لا تكون فيها رخصة اضطرار، لأنهما لا تصح فيهما ذكاة بوجه، وإنما الرخصة فيما تصح الذكاة في نوعه.
أما قوله تعالى: في آخر الآية: {إن الله غفور رحيم} ففيه إشكال وهو أنه لما قال: {فلا إثم عليه} فكيف يليق أن يقول بعده: {إن الله غفور رحيم} فإن الغفران إنما يكون عند حصول الإثم.
أحدها: أن المقتضى للحرمة قائم في الميتة والدم، إلا أنه زالت الحرمة لقيام المعارض، فلما كان تناوله تناولا لما حصل فيه المقتضى للحرمة عبر عنه بالمغفرة، ثم ذكر بعده أنه رحيم، يعني لأجل الرحمة عليكم أبحت لكم ذلك
وثانيها: لعل المضطر يزيد على تناول الحاجة، فهو سبحانه غفور بأن يغفر ذنبه في تناول الزيادة، رحيم حيث أباح في تناول قدر الحاجة
وثالثها: أنه تعالى لما بين هذه الأحكام عقبها بكونه غفورا رحيما لأنه غفور للعصاة إذا تابوا، رحيم بالمطيعين المستمرين على نهج حكمه سبحانه وتعالى...
قوله تعالى: {فلا إِثْمَ عَلَيْهِ...} لا ينفى إلاّ ما هو في مادة الثبوت ووجود الإثم هنا غير متصور لأن الأكل من الميتة في هذه الحالة واجب لإقامة الرمق قال: فأجاب بأن المراد لا عقوبة عليه أو لا ذم عليه...
وفي الآية دليل على أن العام في الأشخاص عام في الأزمنة والأحوال، وهو الصحيح، ولولا ذلك لما احتيج إلى استثناء المضطر منه...
قوله تعالى: {إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} وجه مناسبة المغفرة أنه قد يظن أنه مضطر فيأكل الميتة ولا يكون مضطرا إليها...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
بعد ذكر إباحة الطيبات ذكر المحرمات فقال تبارك اسمه {إنما حرم عليكم الميتة} هذا حصر لمحرمات الطعام من الحيوان بصيغة {إنما} الدالة على ما سبق الإعلام به وهو آية سورة الأنعام التي ورد فيها حصر التحريم في هذه الأربعة بصيغة الإثبات بعد النفي. وإنما حرم الميتة لما في الطباع السليمة من استقذارها، ولما يتوقع من ضررها، فإنها إما أن تكون ماتت بمرض سابق أو بعلة عارضة، وكلاهما لا يؤمن ضررها، لأن المرض قد يكون معديا، والموت الفجائي يقتضي بقاء بعض الأشياء الضارة في الجسم كالكربون الذي يكون سبب الاختناق، هذا ما قاله الأستاذ الإمام ويزيد عليه عدم القصد إلى إماتتها بعمل الإنسان وهو سبب الفرق بين المخنوقة والمنخنقة التي هي في معنى الميتة حتف أنفها، ولذلك كان في معنى الميتة كل ما زالت حياته بغير قصد الذكاة كالمنخنقة والموقودة إلى أخر ما ذكر في آية المائدة.
{والدم} أي المسفوح كما في آية الأنعام، فإنه قذر لا طيب وضار كالميتة {ولحم الخنزير} فأنه قذر، لأن أشهى غذاء الخنزير إليه القاذورات والنجاسات، وهو ضار في جميع الأقاليم ولاسيما الحارة كما ثبت بالتجربة، وأكل لحمه من أسباب الدودة الوحيدة القتالة ويقال إن له تأثيرا سيئا في العفة والغيرة {وما أهل به لغير الله} وهو ما يذبح ويقدم للأصنام أو غيرها مما يعبد. والمنع من هذا ديني محض لحماية التوحيد، لأنه من أعمال الوثنية، فكل من أهل لغير الله على ذبيحة فإنه يتقرب إلى من أهل باسمه تقرب عبادة، وذلك من الإشراك والاعتماد على غير الله تعالى.
وقد ذكر الفقهاء أن كل ما ذكر عليه اسم غير اسم الله لو مع اسم الله فهو محرم، وعد منه الأستاذ الإمام ما يجري في الأرياف كثيرا من قولهم عند الذبح لاسيما ذبح المنذور بسم الله، الله أكبر، يا سيد. يدعون السيد البدوي أن يلتفت إليهم ويتقبل النذر ويقضي حاجة صاحبه (قال) وكيفما أولته فهو محرم. ومثل ذكر السيد ذكر الرسول أو المسيح إذ لا يجوز أن يذكر عند الذبح غير اسم المنعم بالبهيمة المبيح لها، فهي تذبح وتؤِكل باسمه لا يشركه في ذلك سواه، ولا يتقرب بها إلى من عداه، ممن لم يخلق ولم ينعم ولم يبح ذلك لأنه غير واضع للدين.
{فمن اضطر} إلى الأكل مما ذكر بأن لم يجد ما يسد به رمقه سواه {غير باغ} له أي طالب له، راغب فيه لذاته {ولا عاد} متجاوز قدر الضرورة {فلا إثم عليه} لأن الإلقاء بنفسه إلى التهلكة بالموت جوعا أشد ضررا من أكل الميتة أو الدم أو لحم الخنزير، بل الضرر في ترك الأكل محقق، وهو في فعله مظنون، وربما كانت شدة الحاجة إلى الأكل مع الاكتفاء بسد الرمق مانعة من الضرر. وأما ما أهل به لغير الله فمن أكل منه مضطرا فهو لا يقصد إجازة عمل الوثنية ولا استحسانه. {إن الله غفور رحيم} إذ حرم على عباده الضار، وجعل الضرورات بقدرها، لينتفي الحرج والعسر عنهم، ووكل تحديدهم إلى اجتهادهم، فهو يغفر لهم خطأهم فيه لتعذر ضبطه.
وفسر الجلال كلمة {باغ} بالخارج على المسلمين، و {عاد} بالمعتدي عليهم بقطع الطريق (قال) ويلحق بهم كل عاص بسفره كالآبق والمكاس وعليه الشافعي. قال الأستاذ الإمام: ولا خلاف بين المسلمين في أن العاصي كغيره يحرم عليه إلقاء نفسه في التهلكة، ويجب عليه توقي الضرر، ويجب علينا دفعه عنه إن استطعنا، فكيف لا تتناوله إباحة الرخص. ثم إن المناسب للسياق أن تحدد الضرورة التي تجيز أكل المحرم وتفسير الباغي والعادي بما ذكرنا هو المحدد لها، وهو موافق للغة كقوله تعالى حكاية عن إخوة يوسف {ما نبغي} (يوسف: 65) وفي الحديث الصحيح (يا باغي الخير هلم) وفي التنزيل {ولا تعد عيناك عنهم} (الكهف: 28) أي لا تتجاوزهم إلى غيرهم. فالكلام في تحديد الضرورة وتمام بيان حكم ما يحل من الأكل، لا السياسة وعقوبة الخارجين على الدولة والمؤذين للأمة، وإنما كان هذا التحديد لازما لئلا يتبع الناس أهوائهم في تفسير الاضطراب إذا هو وكل إليهم بلا حد ولا قيد، فيزعم هذا أنه مضطر وليس بمضطر، ويذهب ذلك بشهواته إلى ما وراء حد الضرورة، فعلم من قوله {غير باغ ولا عاد} كيف تقدر الضرورة بقدرها، والأحكام عامة يخاطب بها كل مكلف لا يصح استثناء أحد إلا بنص صريح من الشارع. ويذكر بعض المفسرين في هذا المقام مسائل خلافية في الميتة كحل الانتفاع بجلدها وغير ذلك مما ليس بأكل، وقد قلنا إننا لا نعترض في بيان القرآن إلى المسائل الخلافية التي لا تدل عليها عبارته إذ يجب أن يبقى دائما فوق كل خلاف.
هذا ملخص ما قاله الأستاذ الإمام في الدرس... وأقول الآن إنه رحمه الله كانت خطته الغالبة في ترك المسائل الخلافية التي لا يدل عليها القرآن، وهذا غير الخلاف في مدلول عباراته كما هنا، وربما يكون ذكر الخلاف وسيلة إلى بيان كونه فوق كل خلاف.
ومن مباحث البلاغة في الآية أن ذكر (غفور) له فيها نكتة دقيقة لا تظهر إلا لصاحب الذوق الصحيح في اللغة، فقد يقال إن ذكر وصف الرحيم ينبئ بأن هذا التشريع والتخفيف بالرخصة من آثار الرحمة الإلهية. وأما الغفور فإنما يناسب أن يذكر في مقام العفو عن الزلات والتوبة عن السيئات. والجواب عن هذا أن ما ذكر في تحديد الاضطراب دقيق جدا ومرجعه إلى اجتهاد المضطر ويصعب على من خارت قواه من الجوع أن يعرف القدر الذي يمسك الرمق ويقي من الهلاك بالتدقيق وأن يقف عنده، والصادق الإيمان يخشى أن يقع في صف الباغي والعادي بغير اختياره، فالله تعالى يبشره بأن الخطأ المتوقع في الاجتهاد في ذلك مغفور له ما لم يعتمد تجاوز الحدود والله أعلم.
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
وفي هذه الآية دليل على القاعدة المشهورة:"الضرورات تبيح المحظورات" فكل محظور، اضطر إليه الإنسان، فقد أباحه له، الملك الرحمن. فله الحمد والشكر، أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
استئناف بياني، ذلك أن الإذْن بأكْلِ الطيبات يثير سؤال مَن يسأل ما هي الطيبات فجاء هذا الاستئناف مبيِّناً المحرماتِ وهي أضداد الطيبات، لتُعرف الطيبات بطريق المضادة المستفادة من صيغة الحصر، وإنما سُلك طريق بيان ضد الطيبات للاختصار؛ فإن المحرمات قليلة، ولأن في هذا الحصر تعريضاً بالمشركين الذين حرموا على أنفسهم كثيراً من الطيبات وأحلوا الميتة والدم، ولما كان القصر هنا حقيقياً لأن المخاطب به هم المؤمنون وهم لا يعتقدون خلاف ما يُشرع لهم، لم يكن في هذا القصر قلبُ اعتقادِ أحدٍ وإنما حصل الرد به على المشركين بطريقة التعريض...
وعندي أن إقحام لفظ اللحم هنا إما مجرد تفنن في الفصاحة وإما للإيماء إلى طهارة ذاته كسائر الحيوان، وإنما المحرم أكله لئلا يفضي تحريمه بالناس إلى قتله أو تعذيبه، فيكون فيه حجة لمذهب مالك بطهارة عين الخنزير كسائر الحيوان الحي، وإما للترخيص في الانتفاع بشعره لأنهم كانوا يغرزون به الجلد...
فالآية إيماء إلى علة الرخصة وهي رفع البغي والعدوان بين الأمة، وهي أيضاً إيماء إلى حد الضرورة وهي الحاجة التي يشعر عندها من لم يكن دأبه البغي والعدوان بأنه سيبغي ويعتدي وهذا تحديد منضبط، فإن الناس متفاوتون في تحمل الجوع ولتفاوت الأمزجة في مقاومته، ومن الفقهاء من يحدد الضرورة بخشية الهلاك ومرادهم الإفضاء إلى الموت والمرض وإلاّ فإن حالة الإشراف على الموت لا ينفع عندها الأكل، فعلم أن نفي الإثم عن المضطر فيما يتناوله من هذه المحرمات منوط بحالة الاضطرار، فإذا تناول ما أزال به الضرورة فقد عاد التحريم كما كان، فالجائع يأكل من هاته المحرمات إن لم يجد غيرها أكلاً يغنيه عن الجوع وإذا خاف أن تستمر به الحاجة كمن توسط فلاة في سفر أن يتزود من بعض هاته الأشياء حتى إن استغنى عنها طرحها، لأنه لا يدري هل يتفق له وجدانها مرة أخرى [أم لا]...
ومن عجب الخلاف بين الفقهاء أن ينسب إلى أبي حنيفة والشافعي أنّ المضطرّ لا يشبع ولا يتزود خلافاً لمالك في ذلك والظاهر أنه خلاف لفظي والله تعالى يقول:
{إن الله غفور رحيم} في معرض الامتنان فكيف يأمر الجائع بالبقاء على بعض جوعه ويأمر السائر بالإلقاء بنفسه إلى التهلكة إن لم يتزود...
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
هذا النص السامي فيه تسجيل لرحمة الله تعالى، وغفرانه في الدنيا والآخرة، ما يرتكب إن كان بقصد حفظ النفس من التلف، وكان من غفرانه أن رفع الإثم وسببه قائم عن المضطر إلى أكل المحرمات، وكان من رحمته أن أباح هذه الطيبات، وأن حرم الخبائث، فتحريم الخبائث لأضرارها، وإباحة الطيبات لنفعها من رحمته سبحانه، جلت قدرته أن رفع الإثم عند الاضطرار.
وقبل أن ننتقل إلى آياته البينات نقرر أمرين. أولهما: ما قرره بعض العلماء ذوي النظر الثاقب أن الجوع الشديد يجعل الجسم يستطيع تناول هذه الخبائث الضارة إذ الجوع يذهب بأضرارها، أو لا يجعلها تؤثر بالأذى في الجسم ما دام لا يتعدى حد الضرورة، فإن تعداها كان الضرر المؤكد من هذه الخبائث. الثاني: أن هذه المحرمات إنما هي في حيوانات البر والنعم كما قررنا، أما صيد البحر فإنه حلال كما قال تعالى: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما... 96} [المائدة]. جعل الله طعامنا حلالا طيبا، وهنيئا مريئا