التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (173)

قوله تعالى{ إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل به لغير الله }

قال ابن كثير : وقد خصص الجمهور من ذلك ميتة البحر لقوله تعالى{ أحل لكم صيد البحر وطعامه }وحديث العنبر في الصحيح . وفي المسند والموطأ والسنن قوله صلى الله عليه وسلم في البحر : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " . اه .

وصححه الترمذي( السنن-الطهارة1/101 ، 100 )وصححه البخاري فيما سأله الترمذي عنه ( علل الترمذي1/136 )وصححه الحاكم ووافقه الذهبي( المستدرك1/140 ) وقال البيهقي حديث صحيح( المعرفة1/152 )وقال البغوي : صحيح متفق على صحته( شرح السنة2/55 ) وصححه ابن الملقن ونقل تصحيح ابن الأثير ، وقال ابن كثير : إسناده جيد( التفسير6/126 ) . والألباني( صحيح سنن ابن ماجة1/67 )وفي السنة تخصيص آخر وهو ما اخرجه أحمد( المسند رقم5723 )وابن ماجة( السنن-الصيد-باب صيد الجراد والحيتان ) .

عن ابن عمر مرفوعا : أحلت لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان فالحوت والجراد ، وأما الدمان فالكبد والطحال .

وقد روي موقوفا وهو أصح وله حكم الرفع .

وصححه الألباني( سلسلة الأحاديث الصحيحة1118 ) .

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى : { وما أحل به لغير الله }قال : ما ذبح لغير الله مما لم يسم عليه .

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية : ما ذكر عليه غير اسم الله .

قال مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد . حدثنا ليث عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله ؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، عام الفتح ، وهو مكة : " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام " .

فقيل : يا رسول الله . أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس ؟ فقال : " لا . هو حرام " . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عند ذلك : " قاتل الله اليهود . إن الله عز وجل لما حرم عليهم شحومها . أجملوه ثم باعوه . فأكلوا ثمنه " .

( الصحيح( 3/1207 ح1581-ك المساقاة ، ب تحريم بيع الخمر والميتة . . ) .

الحديث فيه زيادة تشريع ، حيث لم يقتصر التحريم على تناول عين تلك المحرمات ، بل حرم بيعها أيضا . كل ذلك إبعاد للأمة من التلبس بتلك القازورات بأي وجه من الوجوه إلا ما استثني من دباغ جلود الميتة .

قال الترمذي : حديثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا سلمة بن رجاء قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يجبون أسنمة الإبل ويقطعون آليات الغنم قال : ما قطع من البهيمية وهي حية فهي ميتة .

حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، حدثنا أبو النضر ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار نحوه .

( السنن( 4/74 ح1480- ك الأطعمة ، ب ما قطع من الحي فهو ميت )وأخرجه أحمد من طريق عبد الصمد وحماد بن خالد عن عبد الرحمن . قال الترمذي : حديث حسن غريب . . . والعمل على هذا عند اهل العلم . وصححه الحاكم ووافقه الذهبي( المستدرك4/239 )وحسنه السيوطي( الجامع الصغير مع فيض القدير5/461 ) ، وصححه الألباني( صحيح الجامع الصغير5/150-151 ) . وانظر تفصيل الكلام على طرق هذا الحديث في ( البدر المنير2/180-192 ) .

قوله تعالى{ . . . فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه }

قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا سبب اضطراره ، ولم يبين المراد بالباغي والعادي ، ولكنه أشار في موضع آخر إلى ان سبب الاضطرار المذكور المخمصة ، وهي الجوع وهو قوله{ فمن اضطر في مخمصة }وأشار إلى أن المراد بالباغي والعادي المتجانف للإثم ، وذلك في قوله{ فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم }والمتجانف المائل ، ومنه قول الأعشى :

تجانف عن حجر اليمامة ناقتي وما قصدت من أهلها لسوائكا

فيفهم من الآية أن الباغي والعادي كلاهما متجانف لإثم ، وهذا غاية ما يفهم منها . وأخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس{ فمن اضطر }يعني : إلى شئ مما حرم{ غير باغ ولا عاد }يقول : من أكل شيئا من هذه وهو مضطر فلا حرج ، ومن أكله وهو غير مضطر فقد بغى واعتدى .

أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد{ غير باغ ولا عاد }يقول : غير قاطع سبيل ، ولا مفارق الأئمة ولا خارج في معصية الله عز وجل .