المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (3)

3- لاهية قلوبهم عن التأمل فيه ، وبالغوا في إخفاء تآمرهم علي النبي وعلي القرآن ، قائلين فيما بينهم : ما محمد إلا بشر مثلكم ، والرسول لا يكون إلا مَلَكا . أتصدقون محمداً فتحضرون مجلس السحر وأنتم تشاهدون أنه سحر ؟ !

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (3)

ثم ذكر ما يتناجى به الكافرون الظالمون على وجه العناد ، ومقابلة الحق بالباطل ، وأنهم تناجوا ، وتواطأوا فيما بينهم ، أن يقولوا في الرسول صلى الله عليه وسلم ، إنه بشر مثلكم ، فما الذي فضله عليكم ، وخصه من بينكم ، فلو ادعى أحد منكم مثل دعواه ، لكان قوله من جنس قوله ، ولكنه يريد أن يتفضل عليكم ، ويرأس فيكم ، فلا تطيعوه ، ولا تصدقوه ، وأنه ساحر ، وما جاء به من القرآن سحر ، فانفروا عنه ، ونفروا الناس ، وقولوا : { أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (3)

( لاهية قلوبهم ) . . والقلوب هي موضع التأمل والتدبر والتفكير .

إنها صورة للنفوس الفارغة التي لا تعرف الجد ، فتلهو في أخطر المواقف ، وتهزل في مواطن الجد ؛ وتستهتر في مواقف القداسة . فالذكر الذي يأتيهم يأتيهم ( من ربهم )فيستقبلونه لا عبين ، بلا وقار ولا تقديس . والنفس التي تفرع من الجد والاحتفال والقداسة تنتهي إلى حالة من التفاهة والجدب والانحلال ؛ فلا تصلح للنهوض بعبء ، ولا الاضطلاع بواجب ، ولا القيام بتكليف . وتغدو الحياة فيها عاطلة هينة رخيصة !

إن روح الاستهتار التي تلهو بالمقدسات روح مريضة . والاستهتار غير الاحتمال . فالاحتمال قوة جادة شاعرة . والاستهتار فقدان للشعور واسترخاء .

وهؤلاء الذين يصفهم القرآن الكريم كانوا يواجهون ما ينزل من القرآن ليكون دستورا للحياة ، ومنهاجا للعمل ، وقانونا للتعامل . . باللعب . ويواجهون اقتراب الحساب بالغفلة . وأمثال هؤلاء موجودون في كل زمان . فحيثما خلت الروح من الجد والاحتفال والقداسة صارت إلى هذه الصورة المريضة الشائهة التي يرسمها القرآن . والتي تحيل الحياة كلها إلى هزل فارغ ، لا هدف له ولا قوام !

ذلك بينما كان المؤمنون يتلقون هذه السورة بالاهتمام الذي يذهل القلوب عن الدنيا وما فيها :

جاء في ترجمة الأمدي لعامر بن ربيعة أنه كان قد نزل به رجل من العرب فأكرم مثواه . . ثم جاءه هذا الرجل وقد أصاب أرضا فقال له : إني استقطعت من رسول الله [ ص ] واديا في العرب . وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك . فقال عامر : لا حاجة لي في قطيعتك . نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا : ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) . .

وهذا هو فرق ما بين القلوب الحية المتلقية المتأثرة ، والقلوب الميتة المغلقة الخامدة . التي تكفن ميتتها باللهو ؛ وتواري خمودها بالاستهتار ؛ ولا تتأثر بالذكر لأنها خاوية من مقومات الحياة .

( وأسروا النجوى الذين ظلموا ) . . وقد كانوا يتناجون فيما بينهم ويتآمرون خفية ، يقولون عن رسول الله [ ص ] : ( هل هذا إلا بشر مثلكم ? أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ? ) .

فهم على موت قلوبهم وفراغها من الحياة لم يكونوا يملكون أنفسهم من أن تتزلزل بهذا القرآن ؛ فكانوا يلجأون في مقاومة تأثيره الطاغي إلى التعلات ، يقولون : إن محمدا بشر . فكيف تؤمنون لبشر مثلكم ? وإن ما جاء به السحر . فكيف تجيئون للسحر وتنقادون له وفيكم عيون وأنتم تبصرون ? !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (3)

القول في تأويل قوله تعالى : { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرّواْ النّجْوَى الّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هََذَآ إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : لاهيَةً قُلُوبُهُمْ غافلة ، يقول : ما يستمع هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم هذا القرآن إلا وهم يلعبون غافلة عنه قلوبهم ، لا يتدبرون حكمه ولا يتفكرون فيما أودعه الله من الحجج عليهم . كما :

حدثنا بِشر قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ يقول : غافلة قلوبهم .

وقوله : وأَسَرّوا النّجْوَى الّذِينَ ظَلَمُوا يقول : وأسرّ هؤلاء الناس الذين اقتربت الساعة منهم وهم في غفلة معرضون ، لاهية قلوبهم ، النجوى بينهم ، يقول : وأظهروا المناجاة بينهم فقالوا : هل هذا الذي يزعم أنه رسول من الله أرسله إليكم إلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ؟ يقولون : هل هو إلا إنسان مثلكم في صوركم وخلقكم ؟ يعنون بذلك محمدا صلى الله عليه وسلم . وقال الذين ظلموا فوصفهم بالظلم بفعلهم وقيلهم الذي أخبر به عنهم في هذه الاَيات إنهم يفعلون ويقولون من الإعراض عن ذكر الله والتكذيب برسوله . ول «الّذين » من قوله : وأسَرّوا النّجْوَى الّذِينَ ظَلَمُوا في الإعراب وجهان : الخفض على أنه تابع للناس في قوله : اقْتَرَبَ للنّاسِ حِسابُهُمْ والرفع على الردّ على الأسماء الذين في قوله : وأسَرّوا النّجْوَى من ذكر الناس ، كما قيل : ثمّ عَمُوا وَصَمّوا كثِيرٌ مِنْهُمْ . وقد يحتمل أن يكون رفعا على الابتداء ، ويكون معناه : وأسرّوا النجوى ، ثم قال : هم الذين ظلموا .

وقوله : أفَتَأتُونَ السّحْرَ وأنْتُمْ تُبْصِرُونَ يقول : وأظهروا هذا القول بينهم ، وهي النجوى التي أسرّوها بينهم ، فقال بعضهم لبعض : أتقبلون السحر وتصدّقون به وأنتم تعلمون أنه سحر ؟ يعنون بذلك القرآن كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أفَتَأُتُونَ السّحْرَ وأنْتُمْ تُبْصِرُونَ قال : قاله أهل الكفر لنبيهم لما جاء به من عند الله ، زعموا أنه ساحر ، وأن ما جاء به سحر ، قالوا : أتأتون السحر وأنتم تبصرون ؟

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (3)

{ لاهية قلوبهم } أي استمعوه جامعين بين الاستهزاء والتلهي والذهول عن التفكر فيه ، ويجوز أن يكون من واو { يلعبون } وقرئت بالرفع على أنها خبر آخر للضمير . { وأسروا النجوى } بالغوا في إخفائها أو جعلوها بحيث خفي تناجيهم بها . { الذين ظلموا } بدل من واو { وأسروا } للإيماء بأنهم ظالمون فيما أسروا به ، أو فاعل له والواو لعلامة الجمع أو مبتدأ والجملة المتقدمة خبره وأصله وهؤلاء أسروا النجوى فوضع الموصول موضعه تسجيلا على فعلهم بأنه ظلم أو منصوب على الذم . { هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون } بأمره في موضع النصب بدلا من { النجوى } ، أو مفعولا لقول مقدر كأنهم استدلوا بكونه بشرا على كذبه في ادعاء الرسالة لاعتقادهم أن الرسول لا يكون إلا ملكا ، واستلزموا منه أن ما جاء به من الخوارق كالقرآن سحر فأنكروا حضوره ، وإنما أسروا به تشاورا في استنباط ما يهدم أمره ويظهر فساده للناس عامة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (3)

قوله تعالى : { لاهية } حال بعد الحال{[8197]} ، واختلف النحاة في إعراب قوله { وأسروا النجوى الذين ظلموا } فذهب سيبويه رحمه الله إلى أن الضمير في { أسروا } فاعل وأن { الذين } بدل منه وقال رحمه الله لغة أكلوني البراغيث ليست في القرآن ، وقال أبو عبيدة وغيره الواو والألف علامة أن الفاعل مجموع كالتاء في قولك قامت هند و { الذين } فاعل ب { أسروا } وهذا على لغة من قال أكلوني البراغيث ، وقالت فرقة الضمير فاعل و { الذين } مرتفع بفعل مقدر تقديره أسرها الذين أو قال الذين ع والوقوف على { النجوى } في هذا القول وفي الأول أحسن ولا يحسن في الثاني ، وقالت فرقة { الذين } مرتفع على خبر ابتداء مضمر تقديره هم الذين ظلموا ، والوقف مع هذا حسن ، وقالت فرقة { الذين } في موضع نصب بفعل تقديره أعني الذين ، وقالت فرقة { الذين } في موضع خفض بدل من { الناس } [ الأنبياء : 1 ] ع وهذه أقوال ضعيفة ومعنى { أسروا النجوى } تكلموا بينهم في السر والمناجاة بعضهم لبعض ، وقال أبو عبيدة { أسروا } أظهروا وهو من الأضداد ، ثم بين تعالى الأمر الذي يتناجون به وهو قول بعضهم لبعض { هل هذا إلا بشر مثلكم } ، ثم قال بعضهم لبعض على جهة التوبيخ في الجهالة { أفتأتون السحر } أي ما يقول شبهوه بالسحر ، المعنى أفتتبعون السحر { وأنتم تبصرون } أي تدركون أنه سحر وتعلمون ذلك ، كأنهم قالوا تضلون على بينة ومعرفة .


[8197]:هذا إذا جعلنا حالا من الضمير في [استمعوا]، ويمكن أن تكون حالا من الضمير في [يلعبون].