72- والله جعل لكم من جنس أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها ، وجعل لكم من أزواجكم بنين وأبناء بنين ، ورزقكم ما أباحه لكم مما تطيب به نفوسكم . أبعد ذلك يشرك به بعض الناس ؟ فيؤمنون بالباطل ، ويجحدون نعمة الله المشاهدة ، وهي التي تستحق منهم الشكر ، وإخلاص العبادة لله{[115]} .
{ 72 } { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }
يخبر تعالى عن منته العظيمة على عباده ، حيث جعل لهم أزواجا ليسكنوا إليها ، وجعل لهم من أزواجهم أولادا تقرُّ بهم أعينهم ويخدمونهم ، ويقضون حوائجهم ، وينتفعون بهم من وجوه كثيرة ، ورزقهم من الطيبات من جميع المآكل والمشارب ، والنعم الظاهرة التي لا يقدر العباد أن يحصوها .
{ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } ، أي : أيؤمنون بالباطل الذي لم يكن شيئا مذكورا ، ثم أوجده الله وليس له من وجوده سوى العدم ، فلا تخلق ولا ترزق ولا تدبر من الأمر شيئا ، وهذا عام لكل ما عبد من دون الله ، فإنها باطلة ، فكيف يتخذها المشركون من دون الله ؟ "
{ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } ، يجحدونها ويستعينون بها على معاصي الله والكفر به ، هل هذا إلا من أظلم الظلم وأفجر الفجور وأسفه السفه ؟ . "
ثم ذكرت السورة الكريمة بعد ذلك نعمة أخرى من نعم الله - تعالى - على الناس ، فقال - تعالى - : { والله جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } .
أي : والله - تعالى - هو وحده الذي جعل لكم { من أنفسكم } ، أي : من جنسكم ونوعكم { أزواجا } لتسكنوا إليها ، وتستأنسوا بها ، فإن الجنس إلى الجنس آنس وأسكن .
قال - تعالى - : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتسكنوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً . . . } قال الإِمام ابن كثير : " يذكر - تعالى - نعمه على عبيده ، بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجا ، أي : من جنسهم وشكلهم ، ولو جعل الأزواج من نوع آخر ما حصل الائتلاف والمودة والرحمة ، ولكن من رحمته أنه خلق من بني آدم ذكورا وإناثا ، وجعل الإِناث أزواجا للذكور . . . " .
وقوله - سبحانه - : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، بيان لنعمة أخرى من نعمه - تعالى - والحفدة : جمع حافد ، يقال : حفد فلان ، يحفد حفدا : من باب ضرب ، إذا أسرع فى خدمة غيره وطاعته . ومن دعاء القنوت : " وإليك نسعى ونحفد " ، أي : نسرع في طاعتك ياربنا . والمراد بالحفدة : أبناء الأبناء . روي عن ابن عباس أنه قال : الحفيد : ولد الابن والبنت ، ذكرا كان أو أنثى . وقيل : المراد بهم : الخدم والأعوان ، وقيل : المراد بهم : الأَختان والأصهار ، أي : أزواج البنات وأقارب الزوجة .
يذكر تعالى نعمه{[16575]} على عبيده ، بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجًا من جنسهم وشكلهم [ وزيهم ]{[16576]} ، ولو جعل الأزواج من نوع آخر ، لما حصل ائتلاف ومودة ورحمة ، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكورًا وإناثا ، وجعل الإناث أزواجا للذكور .
ثم ذكر تعالى أنه جعل من الأزواج البنين والحفدة ، وهم : أولاد البنين . قاله ابن عباس ، وعكرمة ، والحسن ، والضحاك ، وابن زيد .
قال شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، هم : الولد ، وولد الولد .
وقال سُنَيْد : حدثنا حجاج عن أبي بكر ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس ، قال : بنوك حين يحفدونك ويرفدونك ويعينونك ويخدمونك . قال جميل :
حفَد الولائد حَوْلهُن وأسلمت *** بِأكُفِّهن أزِمَّةَ الأجْمَال{[16577]}
وقال مجاهد : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، ابنه وخادمه . وقال في رواية : الحفدة : الأنصار والأعوان والخدام .
وقال طاوس : الحفدة : الخدم{[16578]} ، وكذا قال قتادة ، وأبو مالك ، والحسن البصري .
وقال عبد الرزاق : أنبأنا مَعْمَر ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة أنه قال : الحفدة : مَنْ خَدَمَك من ولدك وولد ولدك{[16579]} .
قال الضحاك : إنما كانت العرب يخدمها بنوها .
وقال العوفي ، عن ابن عباس قوله : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، يقول : بنو امرأة الرجل ، ليسوا منه . ويقال : الحفدة : الرجل يعمل بين يدي الرجل ، يقال : فلان يحفد لنا قال : ويزعم{[16580]} رجال أن الحفدة : أخْتَان الرجل .
وهذا [ القول ]{[16581]} الأخير الذي ذكره ابن عباس ، قاله ابن مسعود ، ومسروق ، وأبو الضُّحى ، وإبراهيم النَّخَعيّ ، وسعيد بن جُبَيْر ، ومجاهد ، والقُرَظي . ورواه عكرمة ، عن ابن عباس .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هم الأصهار .
قال ابن جرير : وهذه الأقوال كلها داخلة في معنى : " الحَفْد " ، وهو : الخدمة ، الذي منه قوله في القنوت : " وإليك نسعى ونحفد " ، ولما كانت الخدمة قد تكون من الأولاد والأصهار والخدم{[16582]} ، فالنعمة حاصلة بهذا كله ؛ ولهذا{[16583]} قال : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً } .
قلت : فمن جعل : { وَحَفَدَةً } ، متعلقا بأزواجكم فلا بد أن يكون المراد الأولاد ، وأولاد الأولاد ، والأصهار ؛ لأنهم أزواج البنات ، وأولاد الزوجة ، وكما قال{[16584]} الشعبي والضحاك ، فإنهم غالبا يكونون تحت كنف الرجل وفي حجْره وفي خدمته . وقد يكون هذا هو المراد من قوله [ عليه الصلاة ] {[16585]} والسلام في حديث بَصرة بن أكثم : " والولد عبد لك " رواه أبو داود{[16586]} .
وأما من جعل الحَفَدة هم الخدم ، فعنده أنه معطوف على قوله : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } أي : وجعل لكم الأزواج والأولاد{[16587]} .
{ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ } ، من المطاعم والمشارب .
ثم قال تعالى منكرا على من أشرك في عبادة المنعم غيره : { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } ، وهم{[16588]} : الأصنام والأنداد ، { وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } ، أي : يسترون نعم الله عليهم ، ويضيفونها إلى غيره .
وفي الحديث الصحيح : " إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة ممتنا عليه " ألم أزوجك ؟ ألم أكرمك ؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وتَرْبع{[16589]} ؟ " {[16590]} .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مّنَ الطّيّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وَاللّهُ الذي جَعَلَ لَكُمْ أيها الناس مِنْ أنْفُسِكُمْ أزْوَاجا ، يعني : أنه خلق آدم زوجته حوّاء ، وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أزواجكم بنين وحَفَدةً ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { وَالله جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ أزْوَاجا } : أي : والله خلق آدم ، ثم خلق زوجته منه ، ثم جعل لكم بنين وحفدة .
واختلف أهل التأويل في المعنيين بالحفدة ، فقال بعضهم : هم : الأختان ، أختان الرجل على بناته . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب وابن وكيع ، قالا : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا أبان بن تغلب ، عن المنهال بن عمرو ، عن ابن حبيش ، عن عبد الله : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، قال : الأَخْتان .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو بكر ، عن عاصم ، عن ورقاء سألت عبد الله : ما تقول في الحَفَدَة ؟ هم حَشَم الرجل يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : لا ، ولكنهم الأختان .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن وحدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قالا جميعا : حدثنا سفيان ، عن عاصم بن بَهْدَلة ، عن زِرّ بن حُبَيش ، عن عبد الله ، قال : الحَفَدة : الأختان .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان بإسناده عن عبد الله ، مثله .
حدثنا ابن بشار وأحمد بن الوليد القرشي وابن وكيع وسوار بن عبد الله العنبريّ ومحمد بن خلف بن خِراش والحسن بن خلف الواسطيّ ، قالوا : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، قال : الحَفَدة : الأختان .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا هشيم ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، قال : الحَفَدة : الأختان .
حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، قال : الحَفَدة : الأختان .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : الحَفَدَة : الخَتْن .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن عبد الله ، قال : الأختان .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا حفص ، عن أشعث ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : الأختان .
وحدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ عن ابن عباس ، قوله : { وحَفَدَةً } ، قال : الأصهار .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن ابن مسعود ، قال : الحَفَدة : الأختان .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زرّ بن حبيش ، قال : قال لي عبد الله بن مسعود : ما الحفَدة يا زِرّ ؟ قال : قلت : هم أحفاد الرجل من ولده وولد ولده . قال : لا ، هم الأصهار .
وقال آخرون : هم أعوان الرجل وخدمه . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن خالد بن خداش ، قال : ثني سليم بن قتيبة ، عن وهب بن حبيب الأَسَدي ، عن أبي حمزة ، عن ابن عباس ، سئل عن قوله : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، قال : من أعانك فقد حَفَدك ، أما سمعت قوله الشاعر :
حَفَدَ الوَلائِدُ حَوْلُهنّ وأُسْلِمَتْ *** بأكُفّهِنّ أزِمّةُ الأجْمالِ
حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، في قوله : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، قال : الحفدة : الخُدّام .
حدثني محمد بن خالد بن خداش ، قال : ثني سَلْم بن قتيبة ، عن حازم بن إبراهيم البَجَلي ، عن سماك ، عن عكرمة ، قال : قال : الحَفَدة : الخُدّام .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمران بن عيينة ، عن حصين ، عن عكرمة ، قال : هم الذين يُعينون الرجل من ولده وخدمه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحكَم بن أبان ، عن عكرمة : { وَحَفَدَةً } ، قال : الحَفدة : من خدمك مِنْ ولدك .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، عن سلام بن سليم ، وقيس عن سمِاك ، عن عكرمة ، قال : هم الخدم .
حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سلام أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، مثله .
حدثني محمد بن خالد ، قال : ثني سلمة ، عن أبي هلال ، عن الحسن ، في قوله : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، قال : البنين وبني البنين ، مَن أعانك من أهل ، وخادم فقد حفدك .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن منصور ، عن الحسن ، قال : هم الخَدَم .
حدثني محمد بن خالد وابن وكيع ، ويعقوب بن إبراهيم ، قالوا : حدثنا إسماعيل بن عُلَية ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الحَفَدة : الخَدَم .
حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، جميعا عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، قال : ابنه وخادمه .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، قال : أنصارا وأعوانا وخدّاما .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا زمعة ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : الحفدة : الخدم .
حدثنا ابن بشار مرّة أخرى ، قال : ابنه وخادمه .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، مَهَنة يَمْهنونك ويخدمونك من ولدك ، كرامة أكرمكم الله بها .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبد الله ، عن إسرائيل ، عن السّديّ ، عن أبي مالك : الحَفَدة ، قال : الأعوان .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حصين ، عن عكرمة ، قال : الذين يعينونه .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا مَعْمر ، عن الحكَم بن أبان ، عن عكرمة ، في قوله : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، قال : الحفدة : من خدمك من ولدك ، وولد ولدك .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن التيميّ ، عن أبيه ، عن الحسن ، قال : الحَفَدة : الخَدَم .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن حصين ، عن عكرمة : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، قال : ولده الذين يعينونه .
وقال آخرون : هم ولد الرجل وولد ولده . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا عبد الصمد ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : وَحَفَدَةً قال : هم الولد وولد الولد .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن مجاهد وسعيد بن جبير ، عن ابن عباس في هذه الآية : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، قال : الحَفَدة : البنون .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا غُنْدَر ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، مثله .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي بكر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : بنوك حين يحفدونك ويرفدونك ويعينونك ويخدمونك ، قال حميد :
حَفَدَ الوَلائِدُ حَوْلَهُنّ وأُسْلِمَتْ *** بِأَكُفّهِنّ أزِمّةَ الأجمْالِ
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، قال : الحفَدة : الخدم من ولد الرجل ، هم ولده ، وهم يخدمونه . قال : وليس تكون العبيد من الأزواج ، كيف يكون من زوجي عبد ؟ إنما الحفدة : ولد الرجل وخدمه .
حُدثت عن الحسين بن الفَرَج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، يعني : ولد الرجل يحفِدونه ويخدُمونه ، وكانت العرب إنما تخدمهم أولادهم الذكور .
وقال آخرون : هم بنو امرأة الرجل من غيره . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، يقول : بنو امرأة الرجل ليسوا منه .
ويقال : الحَفَدة : الرجل يعمل بين يدي الرجل ، يقول : فلان يحفد لنا ، ويزعم رجال أن الحفَدة : أخْتان الرجل .
القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله تعالى أخبر عباده معرفَهم نعمه عليهم ، فيما جعل لهم من الأزواج والبنين ، فقال تعالى : { وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ أزْوَاجا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، فأعلمهم أنه جعل لهم من أزواجهم بنين وحَفدة ، والحفَدة في كلام العرب : جمع حافد ، كما الكذبة : جمع كاذب ، والفسَقة : جمع فاسق . والحافد في كلامهم : هو المتخفّف في الخدمة والعمل ، والحَفْد : خفة العمل يقال : مرّ البعير يحَفِدُ حفَدَانا : إذا مرّ يُسرع في سيره . ومنه قولهم : «إليك نسعى ونَحْفِدُ » : أي : نسرع إلى العمل بطاعتك . يقال منه : حَفَدَ له يَحْفِدُ حَفْدا وحُفُودا وحَفَدَانا ، ومنه قول الراعي :
كَلّفْتُ مَجْهُوَلَها نُوقا يَمَانيَةً *** إذا الحُدَاةُ على أكْسائها حَفَدُوا
وإذ كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنهم المسرعون في خدمة الرجل المتخففون فيها ، وكان الله تعالى ذكره أخبرنا أن مما أنعم به علينا أن جعل لنا حفدة تحفد لنا ، وكان أولادنا وأزواجنا الذين يصلحون للخدمة منا ومن غيرنا ، وأختاننا الذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا ، وخدمنا من مماليكنا ، إذا كانوا يحفدوننا فيستحقون اسم حفدة ، ولم يكن الله تعالى دلّ بظاهر تنزيله ، ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا بحجة عقل ، على أنه عنى بذلك نوعا من الحفدة دون نوع منهم ، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا ، لم يكن لنا أن نوجه ذلك إلى خاصّ من الحفدة دون عام ، إلا ما اجتمعت الأمة عليه أنه غير داخل فيهم . وإذا كان ذلك كذلك فلكلّ الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرنا ، وجه في الصحة ومَخْرج في التأويل ، وإن كان أولى بالصواب من القول ما اخترنا لما بيّنا من الدليل .
وقوله : { وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطّيّباتِ } ، يقول : ورزقكم من حلال المعاش والأرزاق والأقوات . { أفَبالباطِلِ يُؤْمِنُونَ } ، يقول تعالى ذكره : يحرّم عليهم أولياء الشيطان من البحائر والسوائب والوصائل ، فيصدّق هؤلاء المشركون بالله . { وَبِنِعْمَةِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } ، يقول : وبما أحلّ الله لهم من ذلك ، وأنعم عليهم بإحلاله ، { يَكْفُرُونَ } ، يقول : ينكرون تحليله ، ويجحدون أن يكون الله أحلّه .
وقوله : { والله جعل لكم } الآية ، آية تعديد نعم ، و «الأزواج » الزوجات ، ولا يترتب في هذه الآية الأنواع ولا غير ذلك ، وقوله : { من أنفسكم } ، يحتمل أن يريد خلقته حواء من نفس آدم وجسمه ، فمن حيث كانا مبتدأ الجميع ، ساغ حمل أمرهما على الجميع ، حتى صار الأمر كأن النساء خلقن من أنفس الرجال ، وهذا قول قتادة ، والأظهر عندي : أن يريد بقوله : { من أنفسكم } ، أي : من نوعكم وعلى خلقتكم ، كما قال تعالى : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم }{[7367]} [ التوبة : 128 ] ، وقوله : { وجعل لكم من أزواجكم بنين } ، ظاهر في تعديد النعمة في الأبناء ، واختلف الناس في قوله : { وحفدة } ، فقال ابن عباس : «الحفدة » ، أولاد البنين ، وقال الحسن : هم : بنوك وبنو بنيك ، وقال ابن مسعود وأبو الضحى وإبراهيم وسعيد بن جبير : «الحفدة » : الأصهار ، وهم قرابة الزوجة ، وقال مجاهد : «الحفدة » : الأنصار والأعوان والخدم ، وحكى الزجاج : أن الحفدة البنات في قول بعضهم ، قال الزهراوي ؛ لأنهن خدم الأبوين ؛ لأن لفظة البنين لا تدل عليهن ، ألا ترى أنهن ليس في قول الله تعالى : { المال والبنون زينة الحياة الدنيا }{[7368]} [ الكهف : 46 ] وإنما الزينة في الذكور ، وقال ابن عباس أيضاً : «الحفدة » ، أولاد زوجة الرجل من غيره ، ولا خلاف أن معنى الحفد : الخدمة والبر والمشي مسرعاً في الطاعة ، ومنه في القنوت : وإليك نسعى ونحفد ، والحفدان : خبب فوق المشي ، ومنه قول الشاعر وهو جميل بن معمر : [ الكامل ]
حفد الولائد بينهن وأسلمت . . . بأكفهن أزمة الأجمال
كلفت مجهولها نوقاً يمانية . . . إذا الحداة على أكسائها حفدوا{[7369]}
قال القاضي أبو محمد : وهذه الفرق التي ذكرت أقوالها إنما بنيت على أن كل أحد جعل له من زوجه بنون وحفدة ، وهذا إنما هو في الغالب وعظم الناس ، ويحتمل عندي أن قوله : { من أزواجكم } ، إنما هو على العموم والاشتراك ، أي : من أزواج البشر جعل الله لهم البنين ، ومنهم جعل الخدمة ، فمن لم تكن له قط زوجة ، فقد جعل الله له حفدة ، وحصل تحت النعمة ، وأولئك الحفدة هم من الأزواج ، وهكذا تترتب النعمة التي تشمل جميع العالم ، وتستقيم لفظة «الحفدة » ، على مجراها في اللغة ، إذ البشر بجملتهم لا يستغني أحد منهم عن حفدة{[7370]} ، وقالت فرقة : «الحفدة » ، هم البنون .
قال القاضي أبو محمد : وهذا يستقيم على أن تكون الواو عاطفة صفة لهم ، كما لو قال جعلنا لهم بنين وأعواناً ، أي : وهم لهم أعوان ، فكأنه قال : وهم حفدة ، وقوله : { ورزقكم من الطيبات } ، يريد الله : من الأشياء التي تطيب لمن رزقها ، ولا يقتصر هنا على الحلال ؛ لأنهم كفار لا يكتسبون بشرع ، وفي هذه الآية رد على من قال من المعتزلة : إن الرزق إنما يكون الحلال فقط ، و { لكم } ، تعلق في لفظة { من } ، إذ هي للتبعيض ، فيقولون : ليس الرزق المعدد عليهم من جميع ما بأيديهم إلا ما كان حلالاً ، وقرأ الجمهور «يؤمنون » ، وتجيء الآية على هذه القراءة توقيفاً لمحمد صلى الله عليه وسلم على إيمانهم بالباطل وكفرهم بنعمة الله ، وقرأ أبو عبد الرحمن : «تؤمنون » ، بالتاء من فوق ، ورويت عن عاصم على معنى : قل لهم يا محمد ، ويجيء قوله{[7371]} بعد ذلك : { وبنعمت الله هم يكفرون } ، إخباراً مجرداً عنهم وحكماً عليهم لا توقيفاً ، وقد يحتمل التوقيف أيضاً على قلة اطراد في القول .
عطف على التي قبلها ، وهو استدلال ببديع الصنع في خلق النسل إذ جعل مقارناً للتأنّس بين الزوجين ، إذ جعل النسل منهما ولم يجعله مفارقاً لأحد الأبوين أو كليهما .
وجعل النسل معروفاً متصلاً بأصوله بما ألهمه الإنسان من داعية حفظ النسب ، فهي من الآيات على انفراده تعالى بالوحدانية كما قال تعالى في سورة الروم ( 21 ) : { ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } فجعلها آية تنطوي على آيات ، ويتضمّن ذلك الصنع نعماً كثيرة ، كما أشار إليه قوله تعالى : { وبنعمت الله هم يكفرون } .
والقول في جملة { والله جعل لكم } كالقول في نظيرتيها المتقدمتين .
واللام في { جعل لكم } لتعدية فعل { جعل } إلى ثانٍ .
ومعنى { من أنفسكم } من نوعكم ، كقوله تعالى : { فإذا دخلتم بيوتاً فسَلّموا على أنفسكم } [ سورة النور : 21 ] أي على الناس الذين بالبيوت ، وقوله : { رسولا من أنفسهم } [ سورة آل عمران : 164 ] وقوله : { ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم } [ سورة البقرة : 85 ] .
والخطاب بضمير الجماعة المخاطبين موجّه إلى الناس كلّهم ، وغلب ضمير التذكير .
وهذه نعمة إذ جعل قرين الإنسان متكوّناً من نوعه ، ولو لم يجعل له ذلك لاضطُرّ الإنسان إلى طلب التأنّس بنوع آخر فلم يحصل التأنّس بذلك للزوجين . وهذه الحالة وإن كانت موجودة في أغلب أنواع الحيوان فهي نعمة يدركها الإنسان ولا يدركها غيره من الأنواع . وليس من قوام ماهيّة النّعمة أن ينفرد بها المنعم عليه .
والأزواج : جمع زوج ، وهو الشيء الذي يصير مع شيء آخر اثنين ، فلذا وصف بزوج المرادف لثان . وقد مضى الكلام عليه في قوله تعالى : { اسكن أنت وزوجك الجنة } في [ سورة البقرة : 35 ] .
والوصف بالزوج يؤذن بملازمته لآخر ، فلذا سمّي بالزوج قرين المرأة وقرينةُ الرجل . وهذه نعمة اختصّ بها الإنسان إذ ألهمه الله جعل قرين له وجبله على نظام محبّة وغيرة لا يسمَحان له بإهمال زوجه كما تُهمل العجماوات إناثها وتنصرف إناثها عن ذكورها .
و { من } الداخلة على { أنفسكم } للتّبعيض .
وجعل البنين للإنسان نعمة ، وجعل كونهم من زوجة نعمة أخرى ، لأن بها تحقّق كونهم أبناءه بالنسبة للذكر ودوام اتّصالهم به بالنّسبة ، ووجود المشارك له في القيام بتدبير أمرهم في حالة ضعفهم .
و { من } الداخلة على { أزواجكم } للابتداء ، أي جعل لكم بنين منحدرين من أزواجكم .
والحفدة : جمع حافد ، مثل كَملة جمع كامل . والحافد أصله المسرع في الخدمة . وأطلق على ابن الابن لأنه يكثر أن يخدم جدّه لضعف الجدّ بسبب الكبر ، فأنعم الله على الإنسان بحفظ سلسلة نسبه بسبب ضبط الحلقة الأولى منها ، وهي كون أبنائه من زوجه ثم كون أبناء أبنائه من أزواجهم ، فانضبطت سلسلة الأنساب بهذا النظام المحكم البديع .
وغير الإنسان من الحيوان لا يشعر بحفدته أصلاً ولا يَشعر بالبنوّة إلا أنثى الحيوان مدة قليلة قريبَة من الإرضاع . والحفدة للإنسان زيادة في مسرّة العائلة ، قال تعالى : { فبشرّناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } [ سورة هود : 71 ] . وقد عملت من } الابتدائية في { حفدة } بواسطة حرف العطف لأن الابتداء يكون مباشرة وبواسطة .
وجملة { ورزقكم من الطيبات } معطوفة على جملة { جعل لكم من أنفسكم أزواجاً } وما بعدها ، لمناسبة ما في الجمل المعطوف عليها من تضمّن المنّة بنعمة أفراد العائلة ، فإن من مكمّلاتها سعة الرزق ، كما قال تعالى في آل عمران { زيّن للناس حبّ الشّهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة } [ سورة النحل : 14 ] الآية . وقال طرفة :
فأصبحت ذا مال كثير وطاف بي *** بنون كرام سادة لمسود
فالمال والعائلة لا يروق أحدها بدون الآخر .
ثم الرزق يجوز أن يكون مراداً منه المال كما في قوله تعالى في قصة قارون : { وأصبح الذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر } [ سورة القصص : 82 ] . وهذا هو الظاهر وهو الموافق لما في الآية المذكورة آنفاً . ويجوز أن يكون المراد منه إعطاء المأكولات الطيّبة ، كما في قوله تعالى : { وجد عندها رزقاً } [ سورة آل عمران : 37 ] و { من } تبعيضية .
و { الطيبات } : صفة لموصوف محذوف دلّ عليه فعل رزقكم ، أي الأرزاق الطيّبات . والتأنيث لأجل الجمع . والطيّب : فَيْعِلٍ صفة مبالغة في الوصف بالطّيِب . والطِيبُ : أصله النزاهة وحسن الرائحة ، ثم استعمل في الملائم الخالص من النّكد ، قال تعالى : { فلنحيينه حياة طيبة } [ سورة النحل : 97 ] . واستعمل في الصالح من نوعه كقوله تعالى : { والبلد الطيّب يخرج نباته بإذن ربه } في سورة الأعراف ( 58 ) . ومنه قوله تعالى : { الذين تتوفّاهم الملائكة طيّبين } [ سورة النحل : 32 ] وقد تقدم آنفاً .
فالطيّبات هنا الأرزاق الواسعة المحبوبة للناس كما ذكر في الآية في سورة آل عمران ؛ أو المطعومات والمشروبات اللذيذة الصالحة . وقد تقدم ذكر الطيّبات عند قوله تعالى : { اليوم أحل لكم الطيّبات } في سورة العقود ( 5 ) ، وذكر الطيّب في قوله تعالى : { كلوا مما في الأرض حلالاً طيّباً } في سورة البقرة ( 168 ) .
وفرع على هذه الحجّة والمنّة استفهامُ توبيخ على إيمانهم بالباطل البيّن ، فتفريع التوبيخ عليه واضح الاتجاه .
والباطل : ضد الحقّ لأن ما لا يخلق لا يُعبد بحقّ . وتقديم المجرور في قوله تعالى : { أفبالباطل } على متعلّقه للاهتمام بالتعريف بباطلهم .
والالتفات عن الخطاب السابق إلى الغيبة في قوله تعالى : { أفبالباطل } يجري الكلام فيه على نحو ما تقدم في قوله تعالى : { أفبنعمة الله يجحدون } [ سورة النحل : 71 ] .
وقوله تعالى : { وبنعمت الله هم يكفرون } عطف على جملة التوبيخ ، وهو توبيخ متوجّه على ما تضمّنه قوله تعالى : { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً } إلى قوله : { ورزقكم من الطيبات } من الامتنان بذلك الخلق والرزق بعد كونهما دليلاً على انفراد الله بالإلهية .
وتقديم المجرور في قوله تعالى : { بنعمت الله هم يكفرون } على عامله للاهتمام .
وضمير الغيبة في قوله تعالى : { هم يكفرون } ضمير فصل لتأكيد الحكم بكفرانهم النّعمة لأن كفران النّعمة أخفى من الإيمان بالباطل ، لأن الكفران يتعلّق بحالات القلب ، فاجتمع في هذه الجملة تأكيدان : التأكيد الذي أفاده التقديم ، والتأكيد الذي أفاده ضمير الفصل .
والإتيان بالمضارع في { يؤمنون } و { يكفرون } للدّلالة على التجدّد والتّكرير .